في ظل التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، تواجه الأسواق الناشئة ضغوطًا جديدة تعيد إلى الأذهان تداعيات الحروب الإقليمية على مؤشرات التضخم والاستثمار الأجنبي.
وفي هذا السياق، تراقب مصر عن كثب تطورات المشهد السياسي في الشرق الأوسط، لما له من تأثير مباشر على أداء الاقتصاد المحلي، وخصوصًا في ملفي التضخم وتحركات الأموال الساخنة.
توترات إقليمية وتضخم محلي.. كيف يرتبطان؟
تؤدي الأزمات الجيوسياسية الكبرى، وعلى رأسها النزاع الإيراني الإسرائيلي، إلى زيادة أسعار الطاقة عالميًا، خصوصًا النفط والغاز، ما يؤدي إلى رفع تكاليف الاستيراد بالنسبة للدول المستوردة للوقود مثل مصر. هذه الزيادات تنعكس مباشرة على:
- أسعار السلع الأساسية والغذاء والنقل.
- ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي.
- ضغط متجدد على معدلات التضخم التي لا تزال في مستويات مرتفعة رغم بعض مؤشرات التباطؤ.
ويأتي هذا في وقت حساس تحاول فيه الحكومة المصرية احتواء الضغوط التضخمية من خلال سياسات نقدية وتوسعية مدروسة.
الأموال الساخنة تحت المجهر
من أبرز التحديات التي تواجهها مصر في مثل هذه الأزمات هي تحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل (الأموال الساخنة)، حيث يتجه المستثمرون الأجانب عادة إلى:
1ـ الانسحاب من الأسواق الناشئة عند حدوث أزمات دولية كبرى.
2 ـ اللجوء إلى ملاذات آمنة مثل الذهب أو الدولار.
وفي ظل التوترات الإقليمية الحالية، زاد التخوف من موجة خروج جديدة للأموال الساخنة من أدوات الدين المصرية، خاصة إذا تصاعدت التوترات أكثر أو إذا قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة مجددًا.
الحكومة المصرية تتحرك.. أدوات تمويل طويلة الأجل تدخل المشهد
في مواجهة هذه التحديات، اتخذت الحكومة المصرية خطوات استباقية لتقليل الاعتماد على الأموال قصيرة الأجل، من خلال:
طرح أدوات تمويل طويلة الأجل مثل:
سندات دولارية طويلة الأجل.
صكوك سيادية متوسطة وطويلة الأجل.
أدوات تمويل خضراء وتنموية.
توسيع قاعدة المستثمرين عبر تنويع أدوات الدين وربطها بمشروعات تنموية.
تحسين السياسات الائتمانية وإدارة المخاطر بما يسهم في جذب استثمارات مستقرة ومستدامة.
نظرة مستقبلية.. مرونة الاقتصاد المصري قيد الاختبار
رغم التحديات، يرى محللون أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قدرة على التعامل مع الصدمات الخارجية مقارنةً بالسنوات السابقة، بفضل:
- برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي.
- ارتفاع الفائض الأولي في الموازنة العامة.
- نمو الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية والطاقة.
- احتياطي نقدي أجنبي تجاوز 40 مليار دولار بنهاية مايو 2025.
لكن يبقى التحدي الأكبر في السيطرة على معدلات التضخم وتفادي تآكل القوة الشرائية، خاصة في ظل عدم استقرار أسعار الطاقة عالميًا.
التوصيات والتحذيرات
- ينصح خبراء الاقتصاد بضرورة زيادة الاعتماد على التمويل المحلي طويل الأجل.
- دعم الإنتاج المحلي لتقليل فاتورة الاستيراد.
- تعزيز دور القطاع المصرفي في تمويل المشروعات الاستراتيجية.
- تحسين بيئة الاستثمار لتشجيع دخول رؤوس الأموال المستقرة.
تبدو مصر أمام اختبار اقتصادي جديد، مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، ما قد يعيد تشكيل مسارات المال والاستثمار عالميًا. ورغم التحديات، فإن تحركات الحكومة نحو أدوات تمويل طويلة الأجل تمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز استقرار الاقتصاد المحلي وتفادي التأثر المباشر بالأزمات العالمية المفاجئة.