في هذه المرحلة المهمة في حياة الشرق الأوسط تكون حياة الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما من أهم الدروس المستنبطة، وأحد أبرز المحطات في التاريخ الإسلامي، حيث تجسد فيها قيم الحق والعدل والشجاعة. ومع ذلك، فإن الأحداث التي عاشها تعكس أيضًا جوانب مظلمة من الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، التي يمكن أن تصيب المجتمعات.
وفي هذه المقالة، سنستعرض مفهوم الشقاق والنفاق، ونتناول بعض الأحداث التاريخية، التي وقعت في زمن الحسين، وكيف يمكن أن نستلهم من تلك الأحداث دروسًا مهمة.
الشقاق هو الانقسام والاختلاف بين الناس، وقد يكون ناتجًا عن أهواء شخصية أو مصالح ذاتية، ويؤدي الشقاق إلى تفكيك الروابط الاجتماعية والأخلاقية، مما يسبب الفوضى والاضطراب في المجتمعات.
أمّا النفاق فهو تصرف يظهر فيه الشخص خلاف ما يبطنه، حيث يتظاهر بالولاء والإيمان بينما يحمل في قلبه مشاعر العداء، وهذا الفعل ينم عن ضعف في الأخلاق، ويؤدي إلى فقدان الثقة بين الأفراد.
وعندما نعود إلى معركة كربلاء، نجد أن الشقاق والنفاق كانا حاضرين بقوة، فقد تخلت بعض القبائل والأشخاص عن دعم الحسين برغم عهودهم ووعودهم، وهؤلاء الذين نقضوا العهود، كانوا يظنون أن مصلحتهم الشخصية أهم من المبادئ والقيم الأخلاقية.
والإمام الحسين هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد وقف في وجه الظلم والفساد، وعندما قال: “لن يرحمكم الله يا من نقضتم عهدكم”، كان يعبر عن خيبة أمله في أولئك الذين خانوا العهد وتركوا الحق.
وتظهر مساويء الأخلاق في أشكال عدة منها، الكذب والغدر والخيانة، وهؤلاء الذين تخلوا عن الحسين لم يتخلوا عنه فقط، بل عن قيمهم ومبادئهم، والخيانة ليست مجرد فعل، بل هي تعبير عن انعدام الأخلاق والضمير.
ومن موقعة الطف للإمام الحسين نستطيع أن نستخلص دروس مهمة عدة:
– يجب أن نكون أوفياء لوعودنا، لأن الوفاء يعزز الثقة ويقوي الروابط الاجتماعية.
– يجب أن نكون شجعانًا في مواجهة الظلم، حتى وإن كان الثمن غاليًا.
– يجب أن نعمل على تعزيز الأخلاق الحميدة في مجتمعاتنا لكي نتجنب الشقاق والنفاق.
وتبقى وقفة الحسين رمزًا للأخلاق العالية والشجاعة في مواجهة الظلم، ودراسة هذا الموقف يعيد علينا أهمية القيم الأخلاقية، ويحثنا على التصرف بنزاهة وولاء، فلنحافظ على عهودنا ونكون حراسًا للحق ونواجه تحديات الحياة بشجاعة وإيمان ونكتفي بهذا الحد بالتمثيل المسرحي على شعوبنا.
د. أبو خليل الخفاف
٢٠٢٥/٦/٢٤