عاجل
اقتصادتحقيقات وتقارير

الغلاء لا يرحم البسطاء .. الفول والطعمية أصبحا للأثرياء فقط !

غول الأسعار يفترس وجبة الغلابة

كتب: أحمد النحاس

مع اشتعال الأسعار يوماً بعد آخرتعلو صرخات المصريين ، والمسؤلون – كالعادة- ” أذن من طين وأخرى من عجين ” ، وبالطبع مع غلاء سعر سلعة ينعكس سلبياً أثرها على باقى السلع الأخرى ، والتى كان من بينها أبسط أطباق المصريين الشعبية ،وهما “الفول والطعمية”، والتى تزايدت أسعارهما بشكل كبير فى الآونة الأخيرة،  فقد كان طبق الفول هو الحل الوحيد لمواجهة ارتفاع أسعار الأطعمة التى يعشقها المصريون كالدواجن واللحوم التى أصبحت حلماً بعيد المنال بعد أن أصبحت أسعارهما “ناراً” فلم يجد البسطاء أمامهم سوى الفول والطعمية فى الوجبات الرئيسية سواء فى الإفطار أو الغداء أو العشاء ، ومن المتوقع عند استمرار الوضع على حاله أن يصبح الفول حلماً كاللحوم .

فقد أغلقت العديد من محلات الفول والفلافل أبوابها فى الفترة الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ، فى الوقت الذى رفعت فيه الكثير من المحلات الأسعار، وهو ما كان له أثره السلبى على نسبة الإقبال وانخفاض أرباح هذه المحلات التى تفتح بيوت العديد من المواطنين .

وقد تراجع الإقبال على الشراء بشكل ملحوظ بعد ارتفاع أسعار الساندويتشات ، حيث تجاوز سعر ساندوتش الفول والطعمية فى كثير من المحلات الجنيه الواحد ، والبطاطس جنيه ونصف ، وهو ما جعل الموظفين خصوصا يعتمدون على الأكل المنزلى .

علق “عم صابر” – صاحب عربة فول وطعمية- على ذلك ثائرا: “مش عارف الحكومة عايزة منا إيه تانى؟ ..حرام عليهم ..حسبى الله ونعم الوكيل ” ، وأضاف : مكسبى من الفول والطعمية لم يعد يكفى لتغطية نفقات أولادى التى تتزايد يوما بعد يوم ، فارتفاع أسعار الفول قلل من الزبائن بشكل كبير ، فبعد أن اعتاد الموظفون على الإفطار عندى بعد خروجهم من المنزل فى الصباح الباكر وقبل توجههم لعملهم ، أصبحوا لا يفطرون إلا فى منازلهم توفيرا للنفقات ، وأكمل كلامه قائلا : ليس لى ذنب فى رفع سعر السندويتش ..بل السوق هو الذى يفرض علىٌ ذلك .

أما محمودعبد الله – موظف- فيقول : “يظهر بعد كام سنة هنخطف الساندويتش من بعض ” ، وأضاف : ارتفاع سعر الفول والطعمية لم يؤثر على طبقة الفقراء فقط وإنما أيضا الطبقة الوسطى الذى أصبح وجودها نادراً الآن لأن مصر أصبحت مقسمة إلى طبقة فقيرة وغنية بدون وجود وسطية بينهما ، فبعد أن كنا نعتمد على الفول كوجبة إفطار أدخلناه فى جميع الوجبات الأخرى ، بالإضافة إلى رغيف العيش الذى لم نعد نحصل عليه الآن إلا “بالخناق” ، كما قال : “نصرخ والمسئولين يسمعوننا ولكنهم لا يعيروننا اهتماما  “فربنا يستر علينا” .

وتشير ريهام عادل – طالبة جامعية – إلى أنها كانت تشترى من كافيتريات الجامعة ساندويتش البرجر والفراخ وغيرها من الأطعمة الغالية عادة فى بداية كل شهر لأنه التوقيت التى تحصل فيه على مصروفها الخاص بها من والدها ، وفى نهاية الشهر تشترى فول وطعمية وبطاطس لقلة مصروفها ، ولكنها تؤكد بأنها لم تعد  تشترى ساندويتش الفراخ سوى مرتين على الأكثر، أما باقى الشهر فتقتصر على تناول الفول والطعمية والبطاطس، حيث وصفتهم قائلة ” خايفة فيما بعد مصروفى ميكفيش إنى أشتريهم”.

ولكن هل ستظل صرخات 84% من المواطنين معلقة دون أن يلبى ندائهم؟ ، متى وكيف نتغلب على تلك المشكلة؟،  أين دور الحكومة من ذلك؟

يحذر د. علاء شاكر- أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة – من أن استمرار ارتفاع أسعار مسلتزمات إنتاج الفول والطعمية يهدد عشرات الآلاف ، وإن لم يكن مئات الآلاف من محلات الفول والطعيمة .

وأكد :  إن تدخل الحكومة لتخفيف الأعباء على أصحاب المحلات والمستهلكين بشكل عام -وعلى رأسها تخفيض الضرائب والجمارك- أمر ضرورى حتى لا نفاجأ بإغلاق العديد من هذه المحلات التى كانت تقدم حتى وقت قريب وجبة مناسبة للغالبية العظمى من المصريين الفقراء ، وأوضح أنه يجب على الحكومة أن تتخذ جميع السياسات والإجراءات التى تصل بنا للاكتفاء الغذائى، وأولى خطوات هذا الطريق هى ضبط الأسعار ،وإلا فلتترك الشعب يموت جوعا .

يقول عاطف الأشموني- سكرتير الغرفة التجارية بالقاهرة – إن ما يحدث حالياً في أسعار الفول يمثل كارثة بسبب نقص المعروض وزيادة الاقبال عليه خلال هذه الفترة من العام لاعتماد نسبة كبيرة من المستهلكين عليه في غذائهم كوجبة أساسية والمتوقع استمرار ارتفاع اسعار الفول خلال الفترة القادمة؛ وطالب بضرورة تدخل الدولة للحد من ارتفاع أسعار الفول وطرح كميات في المجمعات الاستهلاكية وضرب الاحتكار.

ويشير عزيز الغالى- رئيس شعبة المطاعم بالغرفة التجارية بالقاهرة – إلى ارتفاع أسعار الفول أدى إلى زيادة أسعار الوجبات من الفول والطعمية والسندويتشات بالمطاعم إلي الضعف؛ وارتفعت أسعار الخامات من زيت وخضراوات قد ارتفعت بنسبة تزيد عن 30% الأمر الذي يضطر معه أصحاب المطاعم إلي زيادة الأسعار لتغطية زيادة لتكلفة الأسعار.

يقول عبدالحميد عمر- صاحب عربة فول وطعمية – إن أسعار الفول زادت بالأسواق بنسبة كبيرة جداً وأصبحت خيالية حيث تزايد سعر الكيلو ثلاثة اضعاف مما اضطرنا لزيادة أسعار طبق الفول والسندويتشات بنسبة 50% .

تقول د.علية الفواز- أستاذ الاقتصاد بجامعة الأسكندرية- : إن ارتفاع أسعار الفول والطعمية كإحدي أهم الأكلات الشعبية لا يؤثر فقط علي الفقراء والمعدمين بل يؤثر علي جموع الشعب المصري بما فيه الطبقة الوسطي التي سقطت تحت خط الفقر منذ زمن بعيد والتي تتأثر أكثر من تأثر الفقراء المعدمين الذين قد يجدوا من يقف بجوارهم من القادرين فيما نطلق عليه التكافل الاجتماعي؛ أما من كنا نطلق عليهم مصطلح الطبقة الوسطي فهؤلاء يتجرعون عذاب ارتفاع الأسعار من ناحية ومن ناحية أخري فهم لا يدخلون تحت مظلة التكافل الاجتماعي نظراً لمكانتهم الاجتماعية التي لا تتناسب مع مكانتهم الاقتصادية فهؤلاء بالفعل أكثر المتضررين من ارتفاع الأسعار؛ لذلك كان يجب علي الحكومة أن تتخذ جميع السياسات والإجراءات التي تصل بنا للاكتفاء الغذائي وأولي خطوات هذا الطريق هي توفير السلع وضبط الأسعار وإلا فلتترك الشعب يموت جوعاً.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى