آخر خيارات وأوراق إيران الفاعلة في العراق وإلى مدى تحركها لمواجهة الثورة
مقالات ـ محمد عبدالمجيد الأحوازي:
منذ انطلاق الثورة العراقية في 1 تشرين الأول 2019، شكلت إيران “خلية أزمة” تضم بينها رؤوس المليشيات والأحزاب الولائية في العراق، كانت تعتمد خطة قاسم سليماني على الإغتيالات والقمع المفرط المباشر للمليشيات بغطاء الشرطة والشغب وإختطاف النشطاء ومن ثم خلق الفوضى لإجهاض الثورة العراقية
كانت خلية سليماني تعمل وفقاً للمخطط الذي وضع لها من طهران ، حتى جائت ساعة إغتيال سليماني والمهندس أهم أعمدة هذا المخطط لإجهاض الثورة العراقية، حيث أرتبك المشهد تماماً على طهران في العراق وبمقتل سليماني انقطع خيط المسابح الذي كان ينظم نشاط وعمل جميع المليشيات في العراق .!
جميع رؤوس الأحزاب والمليشيات في العراق لا تستطيع أن تملأ فراغ ثنائي ” سليماني المهندس ” في الساحة العراقية، لذلك رأينا كيف أستطاعت الثورة العراقية بعد مقتل سليماني تعيد تموضعها بقوة في ساحات وميادين الإعتصام، من هنا بدأت طهران تفكر كثيراً بتغيير قواعد اللعبة في العراق.
الجنرال إسماعيل قاآني خليفة سليماني يطلق عليه ” الجنرال الشامي ” في إيران وغير مختص بالملف العراقي ابداً ، لذلك نجل خامنئي مجتبى خامنئي مؤسس ” قاعدة عمار للحروب الاستراتيجية الناعمة ” هو من أوكل إليه الملف العراقي بعد مقتل سليماني لإعتبارات عديدة أهمها .
– دوره الفاعل في قمع الثورة الخضراء عام 2009 في إيران ، قربه من بعض المرجعيات في العراق ، علاقته الوثيقة بقيادات المليشيات العراقية وكان يزور العراق سراً بإستمرار، لذلك مجتبى خامنئي بعد مقتل المهندس ، أختار ” مقتدى الصدر ” متعهداً جديداً لتحريف مسار الثورة في العراق
– وفقاً لما يتم تداوله في طهران، بأن مجتبى خامنئي أجتمع مع جميع المعزين بمقتل سليماني من المليشيات العراقية في طهران ووافقت جميع هذه الشخصيات على أن تدعم وتتحرك وفقاً لتحرك ” مقتدى الصدر ” في العراق ، الهدف هو تحريف مسار الثورة العراقية والذهاب بها إلى المجهول في العراق .
– مقتدى الصدر يبدو هو الخيار الأنسب للإيرانيين لتحريف مسار الثورة العراقية عبر مليشيات سرايا السلام والمليشيات الأخرى التي ستتحرك وتنفذ وفقاً لما يطلب منها الجانب الإيراني الذي يتبنى مشروع الثورة المضادة في العراق .
بعد مرور عدة أيام على إنقلاب مقتدى الصدر على الثورة العراقية وردة فعل الشارع العراقي الغاضبة من غدر مقتدى الصدر بدماء الشهداء، رأينا بأن حتى مقتدى الذي كان يلوح بورقة جماهيره الصدرية ،وبذلك لم تتحقق مطالب الإيرانيين بتراجع زخم الثورة العراقية عبر ترشيح محمد توفيق علاوي .
مخطط تكليف علاوي عبر ثنائي العامري – الصدر طبق تماماً في لبنان عبر تكليف حسان ذياب بسلاح حزب الله وعلاوي بسلاح مقتدى الصدر والعامري، في العراق كما في لبنان ، المليشيات الإيرانية هي من تقرر مصير الرؤوسا والمسؤولين لا الشعبين العراقي واللبناني .
-في الأسابيع المقبلة ستدفع طهران بكل وكلائها في العراق لدعم الصدر آخر ورقتها في العراق،وتحرك نصر الله جاء من هذا الباب، لأن الشارع العراقي بدأ مدركاً تماماً لخطورة دور “الأحزاب العراقية” التي تريد السحق على دماء الشهداء ومستقبل العراق والعراقيين من أجل مصالح المحور الإيراني.
التصعيد السلمي الشعبي في العراق أجهض مخطط سليماني والأن إستمرار هذا التصعيد لعدة أسابيع سيجهض مشروع تحريف مسار الثورة العراقية ، لذلك من المهم تفعيل دور العشاير في الوقت الراهن ، لأن الإيرانيين بدأوا يخسرون جميع أوراقهم في العراق بما فيهم مقتدى .!
مقتدى الصدر لا يستطيع أن يواجه الشعب العراقي ، لأن اليوم حتى قواعده الشعبية في الجنوب بدأت تقول لا لإنقلاب مقتدى على الثورة العراقية، لذلك بإستمرار التصعيد السلمي سيجبر مقتدى بالتراجع لأن ثمن التراجع سيكون أقل تكلفة بالنسبة لمقتدى وتياره من مواجهة الشعب العراقي .
-السبب الوحيد الذي كان يساعد الحرس الثوري الإيراني بقمع الثورات في إيران،هو عدم وجود التنسيق بين المدن عكس العراق تماما، فنجد اليوم ثوار الناصرية مرتبطين بساحة التحرير في بغداد وبغداد مرتبطة بالبصرة والبصرة مرتبطة بالكوت والنجف بكربلاء، هذا التنسيق لم يكون متوفر في ايران ابداً.
أحد أهم عوامل قوة الثورة العراقية هو وجود ساحات الإعتصام في مدن الثورة العراقية، هذا العامل أيضاً لم يتوفر في كل الثورات في إيران ، لذلك على الأرض موازين القوى لصالح الشعب والثورة في العراق، أما عسكرياً، لا تزال المليشيات تسيطر على الجيش وجميع الأجهزة الأمنية العراقية .
لذلك في ظل التصعيد الثوري السلمي ودور الحركة الطلابية العراقية ، من الصعب على مقتدى والعامري والحكيم والخزعلي تحريف مسار الثورة العراقية ، ستكون المهمة على عاتق الثوار بعد انقلاب مقتدى صعبة ولكن ليست مستحيلة لأن الشارع العراقي بغالبيته العظمى يقف مع الثورة العراقية العادلة .
في التاريخ السياسي الإيراني على مدى العقود الماضية كانت الحركة الطلابية أهم أعمدة التغيير في البلاد وساهمت الحركة الطلابية الإيرانية بإسقاط نظام شاه إيران ، اليوم الحركة الطلابية العراقية تلعب نفس الدور وبأكثر فاعلية ، لذلك جميع الأحزاب تخشى دور الحركة الطلابية في العراق .
الوجود والإنتشار الإيراني في العراق لا يستند إلى قواعد شعبية كما يروج النظام الإيراني بأن شيعة العراق مع ولاية الفقيه، لذلك فرص نجاح الثورة العراقية باتت حتمية لأن الملايين التي خرجت لن تعود ولن تقبل ليكون العراق أحوازاً آخر تحت حكم جنرالات الحرس الثوري في طهران .
مكتب خامنئي ( دفتر رهبري ) هو المطبخ الرئيسي لصناعة القرار السياسي والعسكري والأمني في السياسة الداخلية والخارجية في إيران ويمثل الدولة العميقة أو يطلق عليه ” حكومت پنهان ” أي الحكومة السرية في إيران ، ومقابل كل وزير في حكومة روحاني هناك وزير ظل آخر يعمل في مكتب خامنئي .