أحمد النحاس يكتب: تركيا لا تمثل النموذج الإسلامى .. ولكنها تُمثل عليّنا
أنا لست مندهشاً ممن يروجون لأكذوبة أن أردوغان هو خليفة المسلمين المنتظر ، وأن تركيا ستعيد إقامة دولة الخلافة – التي أسقطتها هي عمداً علي يد المارق كمال أتاتورك – وأن تركيا العلمانية ذات الأطماع الإستعمارية هي من تدافع عن الإسلام !! ، كل هذه الأكاذيب – التي يروج لها دراويش أردوغان المنتفعون- لا تدهشني، ولكن مايدهشني حقاً هم أولائك المصدقون لهذه الترهلات، والذين يرددونها كالبغبغاوات، دون أدني تدقيق أو تمحيص أو قراءة في كتب التاريخ ، أو حتي استبصار لطبيعة الأحداث المعاصرة، فهل تعلم عزيزى البغبغاء أن تركيا تنازلت عن ليبيا لإيطاليا مقابل 120.000000 ليرة ذهبية، وطبقاً للفقرة العاشرة من معاهدة أوشى بينها وبين إيطاليا في 1912 وقعت اتفاقية لوزان سنة 1923 التي منحت بها ليبيا المسلمة لقمة سائغة للطليان، وقد انتقد الكاتب التركي “قدير أوغلو” في كتابه “معاهدة لوزان، انتصار أم خدمة؟!” المعاهدة والقائمين عليها من الطرف التركي قائلاً: إن الأتراك (في توقيع معاهدة لوزان) تخلوا عن قيادة المسلمين ورضوا بقطعة صغيرة من الأرض.
_ وتنازلت تركيا عن فلسطين لإنجلترا في 10 أغسطس 1920 عندما وقعت معاهدة سيفر التى تضمنت التخلي عن جميع الأراضي التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، حيث أخضعت فلسطين للانتداب البريطاني وسوريا ولبنان للانتداب الفرنسي، واستغل اليهود البريطانيون ذلك، وبدأ عصر الاستيطان اليهودي بفلسطين على يد الثري اليهودي موسى مونتفيوري عام 1835، وقتها كانت الشام تحت حكم محمد علي، وأرسل السلطان العثماني جيوشا لمحاربة محمد علي وإزاحته من الشام، ولم يرسل الجيوش نفسها لمنع الاستيطان اليهودي في ذلك الوقت أو في أي وقت لاحق، وتم إعلان قيام دولة إسرائيل المزعومة على الأرض الفلسطينية المنهوبة ولم تحرك تركيا ساكنا ولم تشارك حتي ولو بشكل رمزي في حرب 1948 لتحرير القدس من العصابات الصهيونية!!
_ وشاركت تركيا فى ضرب الجزائر مع حلف الناتو فى الخمسينات؛ وصوتت فى الأمم المتحدة عام 1962 ضد إستقلال الجزائر، ثم قدمت اعتذارا رسميا عام 1986 موقعا من الوزير الأول التركى ونقله مبعوث رسمى وتسلمه الرئيس الجزائرى الأسبق الشاذلى بن جديد،بحسب تصريحات وزير الإعلام الجزائرى الأسبق عبدالعزيز رحابى لصحيفة (الشروق) الجزائرية الصادرة صباح الاثنين الماضي.
– وتركيا تحتل لواء الإسكندرون العربى منذ عام 1939، فمنطقة إسكندرون تابعة لولاية حلب السورية، وعاصرت إطلاق الجمهورية السورية الأولي عام 1938 ولكن فرنسا منحت اللواء حكمًا ذاتيًا مع بقاءه مرتبط شكلياً بالجمهورية السورية، ثم ألغت هذا الرباط الشكلي؛ وفي العام التالي 1939، انسحبت فرنسا بشكل نهائي، وفي الوقت ذاته دخلت قوات تركية أرض الإسكندرون ، وقامت بضمه وإعلانه جزءًا من الجمهورية التركية تحت اسم “هتاي”.
-أما عن علاقة تركيا بالكيان الضهيوني فحدث ولا حرج فتركيا إحتفلت مع الصهاينة بمرور 65 سنة على تأسيس “دولة إسرائيل” وذلك فى مقر سفارة الكيان الصهوني بأنقرة، و تركيا بها 26 قاعدة عسكرية أمريكية هدفها الوحيد ضرب العرب وحفظ أمن دولة الإحتلال ؛ وهى أكثر دولة فى العالم لها إتفاقيات دفاع مشترك مع الصهاينة؛ وتقوم أنقرة وتل أبيب بصفة دورية ودائمة بعمل تدريبات عسكرية مشتركة، والطائرات التركية هى التى أطفأت الحرائق فى تل أبيب، وتركيا هى أول دولة فى العالم تعترف بأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وذلك فى إتفاقية التطبيع 2016، وتركيا هى التى أسست مصنع (لوك هيد) للصواريخ الإسرائيلية، وأردوغان ذهب لدولة الإحتلال الصهيوني ووضع إكليلا من الزهور على أضرحة محرقة اليهود؛ وزار قبر مؤسس الصهيونية، وأردوغان الوحيد على مستوى العالم – من غير اليهود – الذى يحصل على جائزة الشجاعة اليهودية (إيباك ) تقديرا للخدمات الجليلة التى قدمها لليهود، وخليفة المسلمين المزعوم يهدد الصهاينة فى خطاباته فقط؛ وفى نفس الوقت يوقع على إتفاقية تجارية ضخمة معهم؛ وذلك بحسب صحيفة حورييت التركية .
– هل يعلم البغبغاوات أن أردوغان نصح المصريين بعد ثورة يناير بوضع دستور علمانى لمصر!، وأن تركيا تمتلك أكبر صالات للقمار والميسر فى العالم، وأنها تزرع مليون ونصف المليون فدان من الكروم لصناعة الخمور؛ وأنها تمتلك أكبر مصنع فى العالم لإنتاج الخمور، وهو مصنع تيكيل .
_ هل يعلم المغيبون أن تركيا ثانى دولة فى العالم بعد (ألبانيا) تعترف بحقوق المثليين؛ وأن أول زواج للشواذ تم فى عصر أردوغان سنة 2014؛ وحضر الخليفة المزعوم أردوعان حفلاً كبيراً على شرف زعيم الشواذ (بولنت ذا ديفا) وليس غريبآ أن يحضر أمير قطر أيضا هذا الحفل؛ ليبارك لقوم لوط الجدد علاقاتهم المحرمة، فتركيا تعتبر أول دولة فى العالم تقر بحق الشواذ والمثليين فى البحث عن زبائن فى الشوارع، ومعدل انتشار الدعارة بتركيا زاد بنسبة 220% فى عصر الخليفة المبجل أردوغان، وتركيا هي الدولة الوحيدة فى العالم التى بها نقابة للعاملين بـالدعارة؛ وقد تأسست فى عصر أردوغان عام 2013 وإسمها (نقابة الشمسية الحمراء ).
_ أما قانون تركيا – حامية الإسلام – فيساوي بين الذكر والأنثى في الميراث، ويمنع تعدد الزوجات ولا يعتبر ممارسة الجنس زنا طالما بالتراضي بين الطرفين بشرط أن يكون عمرهم فوق 18 سنة، والقانون التركي يعطي نصف ثروة الرجل للزوجه اذا تم الطلاق، ويسمح بزواج المسلمة من غير المسلم حتي وإن كان ملحدا، و العطلة الاسبوعية يوم الأحد وليس الجمعة في دولة الخلافة!!.
_ وترتبط تركيا بعلاقات إقتصادية قوية بدولة بورما التى تضطهد المسلمين، ولم تجرؤ أن تحتج أو تندد أو تفكر في قطع علاقاتها مع الصين بعد مذبحة مسلمي الإيجور الذين هم من أصل تركي علي يد الصينيين!
تركيا كانت في بدايتها مجموعة من الإيجوز الأتراك المسلمين عانوا الأمرين لكي يجدوا مأويً لهم وأرضاً يقطنوها، واستطاعوا بعد عناء طويل وجهد جهيد أن يقيموا دولة قوية عملت علي إعلاء شأن الترك أولاً ونشر الإسلام ثانياً ، وفتح الله علي يد سلطانها محمد الفاتح القسطنطينية، وغيرها من البلدان غير الإسلامية ، ولكنها بعد ذلك حادت عن طريقها، وإبتلي سلاطينها بداء الطمع وحب ملذات الدنيا، واصطنع سبيم الأول خلافة كاذبة باسم “الفتح” احتل بها شعوباً دخلت الإسلام قبله وأراضٍ مسلمة موحدة بالله قبل أن تظهر تركيا للوجود، وعاني المسلمون وغيرهم تحت حكمهم ويلات الظلم والاستعباد، ثم تركت دولة الاحتلال العثماني مصر وسوريا وبلاد المغرب والعراق وليبيا، وغيرها من البلدان المسلمة يتقاسمها المحتلون الجدد، البريطانيون والفرنسيون والإيطاليون، رغم ادعائها أنها “حامية الإسلام والمسلمين”، ثم يخرج علينا الأفاقون والمدلسون ليزعموا بعد كل هذا أن تركيا تمثل النموذج الإسلامي الأمثل وأن أردوغان هو الخليفة المنتظر!! تركيا فعلاً تمثل ولكنها تمثل علينا، وأردوغان فعلاً هو الخليفة المنتظر ولكنه خليفة العلمانيين الاستعماريين وليس المسلمين ، أفيقوا من وهمكم يرحمكم الله.