الدكتور محمد العرب: الذكاء الاصطناعي سلاح العصر ولا يمكن السيطرة عليه بعد الآن

محمد عطيفي27 يوليو 2025آخر تحديث :
الدكتور محمد العرب: الذكاء الاصطناعي سلاح العصر ولا يمكن السيطرة عليه بعد الآن

مع التسارع الكبير في تطور منظومة الذكاء الاصطناعي حول العالم، دعت الصين إلى إنشاء منظمة دولية للتعاون في هذا المجال، في الوقت الذي كشف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام عن استراتيجية تهدف إلى ترسيخ الهيمنة الأميركية على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تبدو الأصوات مألوفة، والملامح مطابقة، لكن ما يغيب هو “الروح”.

في زمن بات فيه الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بتقليد الإنسان، بل يتقمصه بالكامل، لم تعد المسألة مجرد تطور تقني، بل أصبحت معركة ضد الحقيقة نفسها.

بتطبيقات بسيطة، أصبح بالإمكان صناعة نسخة رقمية من أي شخص خلال دقائق. نسخة تتكلم، تبتسم، وربما تخطئ نيابة عنه.

ومع تطور هذه النسخ إلى درجة قد تجعلها أكثر إقناعاً من الأصل، يتبدل السؤال التقليدي من “من يتكلم؟” إلى “هل المتكلم موجود فعلاً؟”.

ففي عالم بدأت فيه الذات البشرية تتوارى خلف خوارزميات ذكية، لم تعد أفلام الخيال العلمي محض ترفيه، بل تبدو وكأنها محاولات مبكرة للتحذير من واقع يقترب.

ما نعيشه اليوم من تقنيات، يعيد للأذهان مشاهد قديمة من أفلام مثل “ماتريكس”، ذلك العالم الذي تسيطر عليه الآلات وتمنح البشر وهماً بالحرية داخل محاكاة رقمية ضخمة.

السينما، كما يبدو، كانت تحذر بصوت خافت، بينما كان المشاهدون يضحكون ويصفقون، ويخرجون من القاعات دون إدراك لما يوشك أن يحدث فعلاً.

القلق لم يعد حبيس المختبرات؛ ففي مؤتمر عالمي للذكاء الاصطناعي عُقد مؤخراً في شنغهاي، حذر مسؤول صيني من خطورة الذكاء الاصطناعي دون حوكمة محكمة، داعياً إلى إجماع دولي عاجل.

في المقابل، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن استراتيجية لإزالة البيروقراطية من أمام شركات الذكاء الاصطناعي، في حين وصفت الأمم المتحدة تحدي الحوكمة بأنه “اختبار حاسم للتعاون الدولي”.

وفي عالم يمكن فيه “صناعة الوجود”، وتوليد الأصوات، واختلاق الذكريات، لم يعد الأمر بحاجة إلى مؤامرة كبرى.

يكفي فقط أن نصدق ما نراه على الشاشات، وربما تختفي الحقيقة وسط نسخ رقمية تشبهنا وتُروى بأصواتنا.

 

 

وفي هذا السياق، حل المدير التنفيذي لشركة “الخبرات الأولى” والخبير في الذكاء الاصطناعي الدكتور محمد العرب، ضيفًا على برنامج “العاشرة”، متحدثًا من الرياض، لقناة المملكة الأردنية حيث تناول عدة محاور شائكة تتعلق بتطور الذكاء الاصطناعي.

قال العرب إن الصين تدعو إلى حوكمة هذا الفضاء التقني الكبير، وهو أمر ضروري بسبب تأثير الذكاء الاصطناعي الكبير على المنظومات الأمنية، لكنه تساءل عمّا إذا كانت الدول الكبرى – وعلى رأسها الولايات المتحدة – ترغب فعلاً في تحقيق هذا التوازن، أم تسعى إلى احتكار الهيمنة.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة لخدمات الأوفيس أو الترجمة أو البحث، بل أصبح “سلاح العصر”، مستشهدًا بالتريليونات التي تنفقها الدول الكبرى لتأمين موطئ قدم في هذا المجال.

وأشار إلى أن العالم يشهد تحولًا نحو نوع جديد من الحروب، تسيطر فيه الآلة على مجريات الأحداث، محذرًا من خطورة “الذكاء الاصطناعي التوليدي” الذي وصفه بأنه الأخطر على الإطلاق.

وتابع: “قد تكون الصين تفوقت على أمريكا في بعض الجوانب، لكن المعلومات المتاحة حتى الآن تشير إلى أن أمريكا ما زالت في الصدارة”.

وأكد أن دولًا عربية بدأت في التحرك، مثل السعودية التي أطلقت برنامجًا طموحًا لتدريب مليون شاب سعودي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مبادرات في الإمارات ودول عربية أخرى.

وحذر العرب من خطورة الخوارزميات عندما تدخل في مجالات التصنيع الغذائي والدوائي، إذ يمكن أن تؤدي إلى أوبئة ومشاكل صحية يصعب حلها، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي بدأ يؤثر على كافة المجالات، من التوظيف إلى السياسة، ومن الاقتصاد إلى الأمن.

وعند سؤاله عن فرص التوصل إلى إجماع دولي لتنظيم هذا الملف، أجاب بأن كل الحديث عن الحوكمة والقوانين “هواء في شبكة”، إذ لا يمكن السيطرة على الذكاء الاصطناعي بمجرد الوعود.

وأضاف: “البشر أطلقوا شيئًا لا يمكن السيطرة عليه. منذ عام 2020 قلت: انتهت فكرة هذا متعلم وهذا جاهل، وستأتي مرحلة يُقاس فيها من يملك الذكاء الاصطناعي ومن لا يملكه”.

وشدد العرب على أن بعض خوارزميات التعلم العميق قد تولّد معطيات و”عوالم” جديدة، مؤكداً أن البشر لن يكونوا قادرين على السيطرة عليها بسهولة.

وقال: “حتى أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة بأسعار بسيطة تُستخدم اليوم في التضليل وصناعة الأخبار الزائفة”.

وأشار إلى مشروع تطبيقي لشركة “الخبرات الأولى” في السعودية استخدم فيه الذكاء الاصطناعي لتوصيل الطلبات، وحقق نتائج مذهلة في المرحلة التجريبية رغم الإمكانات المحدودة مقارنة بالدول العظمى، مما يوضح حجم تأثير هذه التقنيات.

وختم حديثه بالتحذير من “الحرب الجديدة” التي قد تقتل الإنسان دون أن يرى وجه قاتله، مؤكدًا أن الروبوتات باتت تتفوق على البشر في كثير من المهام الدفاعية والرقابية، وأن اختراقها من قبل عدو متطور قد يحوّلها إلى أدوات هجوم.

وقال: “ما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي لم يعد بعيدًا. يبدو أنه أصبح واقعاً يقترب بسرعة”.

ووجّه في ختام حديثه الشكر للمذيعة، مؤكدًا أن ما تفعله المملكة من تدريب مليون سعودي على الذكاء الاصطناعي ليس قرارًا عشوائيًا، بل ضرورة استراتيجية للبقاء.

الاخبار العاجلة