عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور محمد العرب يكتب.. «جيش الظل الإسرائيلي: مرتزقة من جهات العالم الأربع»

جيوش غير مرئية تحركها المصالح السياسية والاقتصادية في حروب إسرائيل العدوانية، بعيداً عن القوانين الدولية والرقابة.

وفي قلب هذا العالم الغامض، تلعب إسرائيل دوراً محورياً في توظيف المقاتلين الأجانب والمرتزقة، سواء بشكل مباشر ضمن جيشها، أو عبر شركات أمنية خاصة لتنفيذ مهام قذرة خارج الحدود.

مصادر خاصة وتقارير أممية وصحفية تؤكد أن أكثر من 20000 مقاتل أجنبي ومرتزق عملوا لصالح إسرائيل في السنوات الثلاث الماضية في مسارح صراع متعددة حول العالم.


وفقاً لمصادر موثوقة، ينضم حوالى 3000 جندي أجنبي سنوياً إلى الجيش الإسرائيلي في إطار برنامج (Lone Soldiers)، وهو برنامج يستهدف الشباب من دول مختلفة، أبرزها الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، وروسيا.

هؤلاء الجنود، الذين لا يحملون الجنسية الإسرائيلية، يحصلون على تدريب عسكري مكثف ويشاركون في جميع العمليات القتالية.

خلال العدوان على غزة عام 2014 مثلاً، شكل المقاتلون الأجانب حوالى 15 بالمئة من القوة القتالية البرية، وهو رقم يعكس الاعتماد الكبير على العناصر الأجنبية في العمليات الميدانية.

لكن الوجه الأخطر لهذه الظاهرة يتمثل في الدور المتزايد لشركات الأمن الخاصة، التي تنفذ عمليات إسرائيلية في مناطق الصراع الدولي، مستفيدة من غياب الرقابة القانونية.

شركة Global CST، التي أسسها جنرال إسرائيلي سابق، تعد من أبرز الجهات الفاعلة في هذا المجال، حيث تدير عمليات عسكرية وأمنية في إفريقيا وأميركا اللاتينية.

في جمهورية إفريقيا الوسطى وحدها، وثّقت تقارير أممية وجود 750 مرتزقاً يعملون مع شركات أمنية إسرائيلية لتأمين منشآت حيوية في قطاع التعدين، وتنفيذ عمليات هجومية تحت غطاء تدريب القوات المحلية.

في ليبيا، تشير مصادر ميدانية وتقارير أممية إلى أنَّ ما لا يقل عن 1200 مرتزق عملوا لصالح جهات إسرائيلية في تأمين المنشآت النفطية وخطوط الإمداد الاستراتيجية خلال عام 2020. هؤلاء المرتزقة، الذين تم نقل بعضهم من مناطق مثل أوكرانيا وسوريا، لعبوا أدواراً تتجاوز الحماية التقليدية إلى المشاركة في عمليات قتالية مباشرة.

التقارير تشير إلى أن العديد من هؤلاء المرتزقة قدموا خدماتهم تحت غطاء استشاري، لكن طبيعة العمليات التي شاركوا فيها تكشف عن دور هجومي واضح.

في أميركا اللاتينية، ظهرت أدلة إضافية على تورط شركات أمنية إسرائيلية في تدريب وحدات شبه عسكرية في كولومبيا والمكسيك، بينما ساعدت مجموعة من المرتزقة في محاولة انقلاب فاشلة في فنزويلا عام 2020، وفقاً لتحقيقات صحفية دولية.

هذه المحاولة، التي تم الكشف عن صلاتها بشبكات أمنية إسرائيلية، فتحت الباب أمام تساؤلات حول دور المرتزقة في زعزعة استقرار الأنظمة السياسية وإحداث تغييرات جذرية في موازين القوى بالمنطقة.

 

داخل إسرائيل، يتلقى المرتزقة السابقون والمستشارون العسكريون الأجانب عقوداً لتدريب وحدات النخبة، خاصة تلك العاملة في مجالات مكافحة الإرهاب والتدخل السريع.

تقرير خاص لموقع The Intercept كشف أن عدداً من المدربين الذين يعملون مع الجيش الإسرائيلي هم مقاتلون سابقون من القوات الخاصة الأميركية والبريطانية، تم التعاقد معهم عبر شركات أمنية دولية لتقديم خبراتهم الميدانية في تدريب القوات الإسرائيلية.

الأكثر حساسية هو دور المرتزقة في العمليات الاستخباراتية والاغتيالات المستهدفة. صحيفة Le Monde الفرنسية كشفت عن تورط شركة أمنية إسرائيلية في تجنيد مرتزقة من أوروبا الشرقية لتنفيذ عمليات تصفية مستهدفة ضد علماء ومعارضين سياسيين في إيران وسوريا.

هذه العمليات تتم تحت غطاء جمع المعلومات الاستخباراتية، لكنها تتخذ طابعاً عسكرياً خفياً، حيث يتم تصفية الأهداف بدقة في عمليات معقدة بعيداً عن الأنظار.

 

في أوكرانيا، تصاعد دور المرتزقة المرتبطين بشركات أمنية إسرائيلية مع تفاقم الصراع مع روسيا. وفقاً لتقرير من Foreign Policy، شارك حوالى 2700 مقاتل أجنبي في عمليات تكتيكية بين عامي 2014 و2022، حيث تم تكليفهم بمهام تدريب قتالي وجمع معلومات استخباراتية لصالح الفصائل المسلحة.

وجود هؤلاء المرتزقة أثار جدلاً واسعاً حول الدور الذي تلعبه إسرائيل في هذا الصراع، خاصة مع تزايد الاعتماد على العناصر الأجنبية في تدريب القوات المحلية.

تقرير صادر عن مركز أبحاث النزاعات في لندن قدّر عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب المرتبطين بإسرائيل بأكثر من 25000 مقاتل خلال العقد الأخير، يشملون الجنود النظاميين والمرتزقة العاملين في الشركات الأمنية.

هذا الرقم يعكس اتساع شبكة النفوذ العسكري الإسرائيلي خارج الحدود، خاصة في مناطق النزاع الحرجة مثل إفريقيا، أميركا اللاتينية، وأوكرانيا.

 

غياب المساءلة القانونية يترك المجال مفتوحاً أمام هذه العمليات لتتسع دون قيود. الشركات الأمنية تعمل تحت غطاء قانوني كشركات استشارية، مما يجعل من الصعب تتبع أنشطتها العسكرية.

في ظل هذا الغياب الرقابي، تصبح هذه الشبكات أداة فعالة لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية بعيداً عن الأضواء.

إذا كان استخدام المرتزقة يمثل تكتيكاً فعالاً في حروب القرن الحالي، فإن السؤال الحقيقي هو: من يضع حداً لهذه الجيوش الخفية؟ ومع استمرار هذه العمليات، قد لا يكون هناك وقت طويل قبل أن تتحول إلى قوة خارج السيطرة، تعيد رسم خرائط الصراعات المستقبلية، تاركة العالم يتساءل عن حجم الخطر القادم من الظل.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى