تمرد سكان تندوف والمطالبة بالاستقلال

بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي
المختص في الشؤون العربية والإفريقية
البوليساريو تسيطر على منطقة تندوف منذ عقود، بجيش مسلح ورئيس وسفير بالجزائر، وبتمويل من النظام الجزائري الذي أنفق ما يفوق 700 مليار دولار، ومئات أخرى لشراء اعتراف دول افريقية، والتنازل عن ديون 12 دولة أخرى.
المشكلة أن سكان تندوف لا يعتبرون أنفسهم لاجئين، لأنهم يحملون سلاحا ولهم رئيس وأرض لا يدخلها المواطن الجزائري إلا بترخيص.
في الأسابيع الماضية، شهدت تندوف حالة من العصيان المدني والمواجهات مع الجيش الجزائري على حدود المنطقة، حيث يعيش آلاف الأشخاص غالبيتهم مرتزقة وجزائريين وأقل من عشرة بالمائة من أصول صحراوية مغربية.
فهل بدأ التمرد؟ والمطالبة بالاستقلال التام عن الجزائر.
القصة بدأت باشتباكات غير مسبوقة بين الجيش الجزائري وعناصر مسلحة من ميليشيات الجبهة المرتزقة، مما يعكس تصاعد التوتر داخل المخيمات التي يتاجر قيادوها بالمخدرات والسلاح والبشر بصحراء الجزائر والصحراء الكبرى، الأمر الذي يشكل تهديدا أمنيا لدول الساحل والصحراء ودول شمال إفريقيا.
عقب اعتداء وحشي من قبل جيش المليشيات على أطفال، تفجّر غضب داخلي بين الساكنة والجيش، أدى إلى مواجهات دامية كشفت عن وجود مشاكل كبيرة بين الجيش الجزائري وميليشيات المرتزقة المرابطة بتندوف.
وكالعادة قادة قصر المرادية والإعلام الموالي لهم، تستر على الأحداث، إلا أن الوضع بالمنطقة بدأ بالخروج عن السيطرة، إذ أصبحت المواجهات أكثر عنفاً ومتكررة بسبب الاحتقان داخل المخيمات.
سبب هذا الاحتقان، هو تذمر الساكنة وكذا قيادات البوليساريو، بأنهم أصبحوا لعبة في يد نظام الجزائر، لعبة سياسية لا تخدم سوى أجندة النظام الجزائري، الذي لا زال يحلم بممر أطلسي، رغم كونه لم يجني أي مكاسب منذ نصف قرن. إلا انه يماطل في اطالة عمر القضية، لتغطية فشله داخليا، في بلد النفط والغاز والأزمات الاقتصادية الخانقة.
فقد حسمت المملكة المغربية الملف سياسياً ودبلوماسياً لصالحها، إلا أن الجزائر، التي تنكر كونها طرفاً مباشراً في النزاع، وضعت منطقة تندوف في مأزق، حيث أصبحت الميليشيات تدرك أن دعم الجنرالات لهم لم يعد سوى مسألة وقت لتبرير ما تم انفاقه والتشبت بحلم وهمي.
الجيش الجزائري يجد نفسه اليوم في مواجهة جيش مسلح استوطن في تندوف لنصف قرن، وخَبر المنطقة، وجال بصحراء الجزائر.
فهل شعر المرتزقة بأنهم صاروا ورقة منتهية الصلاحية، استعملتها الجزائر في صراعها مع المغرب؟ مما سيدفعهم لإعلان الحرب على مموليهم، وربما المطالبة بالاستقلال وبناء دولة بالجنوب الغربي للجزائر.
فهل يدفع جنرالات المرادية ثمن خيانتهم للجيران؟ وينقلب البوليساريو عليهم بسلاحهم وفوق ارضهم وضد جيشهم؟ خصوصا وأن الجزائر غير قادرة على احتواء الأزمة، بعد الأنباء المؤكدة عن محاولة انقلاب قادها اللواء جبار مهنا وناصر الجن، أثناء وجود الرئيس بإثيوبيا وإصابة شنقريحة خلال الاشتباكات بمقر قيادة الجيش.