عاجل
مقالات وآراء

حسين المؤيد يكتب: مغالطة استشهاد الشيعة بمقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه )

مغالطة استشهاد الشيعة بمقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه )
من المؤكد أن المضمون الشيعي لا يعبّر عن فكر متسق قائم على برهان صائب ، و إنما هو حفنة مغالطات و أكاذيب شكلت منظومة تعاليمية يتم تلقينها للشيعي عبر زخم من العاطفة يساعد في تلقيها بالقبول حين تطغى العاطفة على العقل و التعقل .
و هكذا نجد أن التشيع عند معتنقيه عبارة عن عاطفة مؤدلجة ، يردد معها الشيعي مغالطات ترسخت عنده كمسلّمات من دون أن يكلف نفسه مشوارا من التأمل فضلا عن التمحيص .
و لم تقتصر هذه الحالة على عوام الشيعة ، و إنما نجدها في معمميهم الذين درسوا في الحوزة ، بل عند مراجعهم بل كبار مراجعهم ، حيث يعتمدون المغالطات في التعريف بالتشيع و التسويق له ، على الرغم من تبحر بعضهم في الفلسفة و علم الكلام و دراسة جميعهم – أي المراجع – لعلم المنطق و علم أصول الفقه ، و كل هذه العلوم من شأنها تدريب و بناء العقل على التفكير المعمق و التمييز بين المغالطة و البرهان .
و من المغالطات الشائعة بينهم و التي تجدها في كتابات كبار مراجعهم كالشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء مثلا ، الإستشهاد لدعوى وجوب اتباع أهل البيت في أخذ الدين ، بمقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه ) ، و قد انتشرت بين مثقفي الشيعة فصاروا يرددونها على عمى ، دون أن يكلفوا أنفسهم التفكير فيها .
بغض النظر عن أن هذه المقولة كمثَل ، يراد بها ما يدور في كل بيت من شؤون و أحوال ، و بالتالي فهي لا تنطبق على ما يريده الشيعة من استدلال ، لوضوح أن رب أسرة ما لو كان متخصصا في الفيزياء ، فلا يصح أن نقول إن الفيزياء لا بد أن تؤخذ من أبنائه و أحفاده بحكم تواجدهم معه في بيت واحد حيث أن أهل البيت أدرى بما فيه ، ذلك أن مجرد السكنى في بيت واحد أو المخالطة العائلية لهذا الفيزيائي لا تعني أن كل من في البيت عالم بالفيزياء فضلا عن كونه أعلم فيها من تلاميذ ذلك الفيزيائي الذين كانت مخالطتهم له قائمة على التعلم و أخذ المعارف الفيزيائية منه ، فإذا أردنا معرفة ما عند ذلك الفيزيائي من معارف فيزيائية ، فالمسار الصحيح هو تلقيها من تلامذته ، لكننا لو أردنا أن نتعرف على أحواله المعاشية و صفاته الخلقية و سيرته في بيته ، فمن الطبيعي أن نسأل من أسرته لأنهم أعرف بذلك بحكم المخالطة العائلية و كونه ربا لهذه الأسرة . فالخلط بين الأمرين هو مغالطة مردودة ، و بالتالي يكون استشهاد الشيعة بمقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه ) إستشهادا خاطئا و في غير محله .
أقول بغض النظر عن ذلك ، فإن مقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه ) لا تسعف الشيعي كشاهد على وجوب اتباع المجموعة التي يطلق عليها الشيعة اصطلاح أهل البيت دون غيرهم . و يتبين ذلك بما يلي :-
١- أن الذي كان يسكن مع النبي صلى الله عليه و سلم بالأصل هو زوجاته رضي الله عنهن ، و هن اللواتي كن يقضين معه الوقت الذي يأوي فيه للبيت ، و يعشن معه متى ما كان في البيت ليلا و نهارا . و أما علي و فاطمة و الحسن و الحسين رضي الله عنهم ، فلم يكونوا مع النبي صلى الله عليه و سلم في بيت واحد ، و كل ما في الأمر هو أنهم كانوا يترددون على بيته و يتردد على بيتهم دون مساكنة . فلو تم الإستشهاد بتلكم المقولة ، فالتطبيق الدقيق لها يكون بأخذ الدين من زوجات النبي صلى الله عليه و سلم ، بل إن القرآن الكريم قد خصهن بهذه الخصوصية فأمرهن بذكر ما يتلى في بيوتهن من الآيات و العلم المتمثل بسنة النبي عليه أفضل الصلاة و السلام ، قال تعالى ( و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله و الحكمة ). و هذا المقطع يؤكد بل يدل على أن المراد بأهل البيت بالأصل هو زوجات النبي صلى الله عليه و سلم ، إذ لا وجه لاختصاص علي و فاطمة و الحسن و الحسين رضي الله عنهم بالتطهير – حسب مزاعم الشيعة – ثم صرف الخطاب بذكر ما يتلى من آيات الله و الحكمة الى خصوص الزوجات .
٢- إن هذه المقولة لو صح الإستشهاد بها على المرجعية في الدين ، فهي تشمل كل بنات و أصهار النبي صلى الله عليه و سلم و خدامه الملازمين له ، فهؤلاء جميعا لهم خلطة بيتية مع النبي و لا مسوغ لاستثنائهم لتناول المقولة لهم فحوى و روحا .
٣- لو سلمنا جدلا صحة الإستشهاد بالمقولة على المرجعية في الدين ، فمع ذلك سيخرج منها الحسن و الحسين رضي الله عنهما لكونهما صغيرين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، و قد توفي النبي و لم تمر سوى فترة قصيرة على بلوغ الحسن و الحسين سن التمييز العام ، فكيف يصح القول أنهما قد جمعا و وعيا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مباشرة كل معارف الدين ؟
و أما السيدة فاطمة رضي الله عنها ، فلم يطل مكثها بعد أبيها صلى الله عليه و سلم ، و لم يُروَ عنها من سنة النبي صلى الله عليه و سلم سوى النزر القليل الذي لا يغطي ما تمس الحاجة اليه في معرفة الدين .
٤- أن المجامع الروائية الشيعية تكاد تخلو من الروايات عن فاطمة و الحسن و الحسين رضي الله عنهم ، فليس فيها على كثرة ما احتوته من روايات سوى عدد محدود جدا من الرواية عنهم ، بل نجد هذه الحالة الملفتة للنظر ، حتى فيما رووه عن علي رضي الله عنه لا سيما ما يروونه عنه بسند معتبر عندهم ، فهو قليل جدا .
و هذا يعني أن الشيعة ليست عندهم حصيلة مما يعرفه ( أهل البيت ) عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فترديدهم لمقولة ( أهل البيت أدرى بما فيه ) ليس سوى شعار من كثير من الشعارات الجوفاء التي يزايدون بها على الأمة .
٥- إن رسول الله صلى الله عليه و سلم مبعوث للأمة ، و مكلف بتبليغ الرسالة للناس ، و ليس لخصوص أهل البيت ، و قد قام صلى الله عليه و سلم بما كُلّف به ، الأمر الذي يعني أن تبليغ الرسالة كان للصحابة رضي الله عنهم ، و أنه لا يمكن أن يكون شيء مما يجب على النبي صلى الله عليه و سلم بيانه للناس ، قد اختص به أهل البيت دون غيرهم من الصحابة كي يكون أهل البيت أدرى من غيرهم به .
و يمكن أن يقال إن الوقت الذي كان يقضيه النبي صلى الله عليه و سلم مع صحابته لا سيما خواصهم ، كان أكثر من الوقت الذي كان يقضيه في بيته ، و أن الناظر في أسباب نزول الآيات و مناسبات صدور الأحاديث النبوية الشريفة و ملابساتها ، يكتشف أنها كانت عند مخالطة النبي عليه أفضل الصلاة و السلام لصحابته ، فكيف يكون أهل بيته أدرى من غيرهم بما لم يكن في بيت النبي أو لم يكونوا حضورا عند صدوره من النبي صلى الله عليه و سلم .
و هكذا نصل الى النتيجة القاضية بزيف مزايدات الشيعة في التعريف بالتشيع و التسويق له . فهل سيعي الشيعة ذلك ؟ عسى ، و ندعو عموم أهل السنة الى الحذر و الوعي كي لا يقعوا في فخ مثل هذه المزايدات و المغالطات و الشعارات .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى