يُعدُّ العراق عبر التاريخ رمزًا للحضارة والثقافة، حيث كان، وسيبقى، البوابة الشرقية للأمة العربية، فقد احتضن هذا البلد العريق العديد من المعالم التاريخية والمدن العريقة مثل، بغداد والبصرة والكوفة، التي كانت مركزًا للعلم والفكر في الحضارة العربية الإسلامية، لكنَّ اليوم تبدو الصورة مختلفة تمامًا، حيث يشعر العراقيون بأن وطنهم لم يعد يمثل ذلك الدور المحوري في العالمين العربي والإسلامي.
وفي العقود الأخيرة، مر العراق بتحديات كبيرة أدت إلى تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية، فالحروب والصراعات الداخلية، إضافة إلى التدخلات الفارسيَّة، جعلت من العراق ساحة للصراعات، مما ساهم في تآكل الهوية الوطنية والروابط الاجتماعية بين مكوناته المختلفة، وبكل أسى كان هناك دور محوريّ للإقليم في تدمير العراق،
ويُنظر اليوم إلى العراق على أنه وطن للعراقيين أولاً، حيث يواجه الشعب تحديات كبيرة في بناء مستقبلهم واستعادة هويتهم، ويتطلب هذا الوضع تضافر الجهود المحلية، وإعادة بناء الثقة بين المكونات المختلفة، والعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية.
ويشعر الكثير من العراقيين بأن الأمة ككل تآمرت عليهم، إمّا بالتجاهل أو بالاستغلال، وهذا الشعور يتطلب وعيًا جماعيًا بضرورة تعزيز الهوية الوطنية، والعمل على إعادة العراق إلى مكانته الطبيعية كداعم للاستقرار في المنطقة، وكمركز ثقافي وحضاري.
إن إعادة بناء العراق يتطلب رؤية واضحة وتعاونًا بين جميع أبناء الشعب، ويجب أن تكون الأولوية لاحتياجات العراقيين، وأن تُبنى العلاقات مع الدول الأخرى على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، فالعراق يستحق أن يعود كداعم للأمة وليس فقط كدولة تعاني من الأزمات، وعلينا أن نتذكر أن العراق هو جزءٌ لا يتجزأ من الهوية العربية والإسلامية عندما يتعافى أولًا، وعلينا جميعًا العمل على إعادة بناء هذه الهوية وتعزيز الروابط بين جميع مكوناته العراقية.
د. ابو خليل الخفاف
٢٠٢٥/٦/٢٢