صفقة القرن طوق نجاة لقضية تلفظ أنفاسها الأخيرة
بقلم الكاتب صلاح بكري
يأتي مشروع السلام الأمريكي الذي أعلنه الرئيس ترامب لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والإسرائيلي العربي. والذي عرف إعلاميا “بـصفقة القرن” كطوق نجاة لقضية تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي تغرق بسرعة في وحولها وتناقضاتها وامراضها الخاصة الداخلية . بعد أن تراجعت أهميتها أمام الكوارث التي ضربت المجتمعات العربية.
وبعد ان اختفى جيل النكبة وهرم جيل النكسة وضاع جيل الانتفاضات. وانكشف عجز الفلسطينيين وضعف تاهلهم لبناء دولة.
يثبت هذا المشروع الأمر الواقع لعلاقات القوة القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب. وفي بعض أوجهه يقدم فرصة نادرة لاختبار إمكانية تحول الفلسطينيين إلى أمة مكتملة بعد اخفاقهم الطويل في الخروج من شرطهم القديم كمشروع شعب.
إذ ظل الوعي الوطني الفلسطيني يتشكل منذ وعد بلفور باستمرار على عناصر سلبية ارتكاسية.
رفض,مقاومة,شتات,انتفاضات,موت,وصاية,شعور الضحية, اعتقادات خرافية بقدرة عدالة القضية الفلسطينية نفسها على اجتراح معجزات بالاستناد الى فرضيات ملتبسة وواهمة وارادية كلها.
تراوحت بين الارتكان للحقوق التاريخية والمشروعة والحق القومي العربي و الوعد الإلهي ومقولة الوقف الإسلامي. فقط بعد أوسلو اتضح أن المشتركات السلبية بين ضحايا احدات وتغييرات كبيرة وعنيفة لا تصنع شعبا بالمفهوم القومي الحديث للأمة.
واخيرا يأتي مشروع السلام الأمريكي ليقرر الوضع النهائي للفلسطينيين وللمنطقة وفق منظور الحقوق الملموسة للتكتلات السكانية الفلسطينية وعلاقات القوة الفعلية بعد أن استكملت هزيمة الوجود العربي شرقي المتوسط وبلاد ما بين النهرين.
لاول مرة يجري تصفية القضية الفلسطينية لخير الفلسطينيين بعد سبعة عقود من تصفية الفلسطينيين لحساب القضية والتي كانت باستمرار قضية مستلبة من جانب الأنظمة الفاشية القومية والاسلامية !
تصفية القضية الفلسطينية هو تحول محرر للفلسطينيين من الأوهام الوطنية والقومية وحتى الإسلامية بعد أن أصبحت القدس العاصمة الأبدية والموحدة لاسرائيل.
يحتاج الوعي الفلسطيني إلى هذه الصدمة الهائلة ليخرج مرة واحدة ودون رجعة من الأوهام التي اختلقها عن وحول قضيته. فكل المضامين الإنسانية والسياسية والاخلاقية والوطنية والقومية واللاهوتية التي أسقطت على مأساة الفلسطينيين لا قيمة كبيرة لها بالمقياس “الحيوي”.