تُعد رانيا محمد مروان، الناشطة القانونية والمستشارة في القانون الدولي، من الأصوات البارزة في مجال تعزيز حقوق المرأة، لا سيما فيما يتعلق بتطوير أدوات العدالة البديلة، وعلى رأسها التحكيم الأسري المالي وفي ظل التغيرات الاجتماعية المتسارعة وتنامي النزاعات الأسرية، بات من الضروري البحث عن آليات قانونية مرنة وفعالة تحفظ الحقوق وتراعي خصوصية العلاقات الأسرية.
مفهوم التحكيم
التحكيم هو وسيلة قانونية بديلة لفض النزاعات خارج نطاق المحاكم الرسمية، يتم من خلالها تعيين محكّم (أو هيئة تحكيم) من قبل أطراف النزاع، ويصدر قرارًا نهائيًا وملزمًا للطرفين. وتمتاز هذه الآلية بالسرعة والمرونة والخصوصية مقارنة بالإجراءات القضائية التقليدية.
التحكيم الأسري المالي مدخل لتعزيز العدالة الاجتماعية
تُطرح رؤية التحكيم الأسري المالي بوصفها إحدى الأدوات الحديثة التي يمكن أن تُحدث تحولًا إيجابيًا في طريقة التعامل مع الخلافات الأسرية، وبخاصة تلك التي تمس النساء والأطفال.
وتقوم هذه الرؤية على اعتبار أن العدالة لا تقتصر على إصدار أحكام قانونية فحسب، بل تشمل أيضًا صون الكرامة الإنسانية وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة.
آليات دعم حقوق المرأة من خلال التحكيم الأسري المالي
- الخصوصية وحفظ الكرامة: يوفر التحكيم بيئة بعيدة عن الإجراءات العلنية للمحاكم، مما يساهم في حماية الخصوصية الشخصية للأطراف، لا سيما النساء، ويجنبهن التعرض للتشهير أو الوصمة الاجتماعية.
-
السرعة في البتّ بالنزاع: نظرًا لإجراءات التحكيم غير المعقدة، يمكن حسم النزاعات الأسرية في وقت أقصر، الأمر الذي يخفف من الأعباء النفسية والاجتماعية على المرأة والأسرة بشكل عام.
-
تحقيق التوازن والعدالة: يقوم التحكيم الأسري على مبادئ تضمن النظر إلى النزاع من منظور شامل، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطفال واستقرار الأسرة، دون الإخلال بحقوق أي من الأطراف، وبخاصة النساء اللواتي قد يعانين من اختلال موازين القوة داخل العلاقة الأسرية.
يُمثل التحكيم الأسري نموذجًا واعدًا في مسار تطوير منظومة العدالة الأسرية، ويطرح بديلًا مرنًا وإنسانيًا للنظر في النزاعات داخل الإطار العائلي.
ومن خلال تبني رؤى ترتكز على الإنصاف والكرامة الإنسانية، كما في الطروحات القانونية والاجتماعية المتقدمة، يمكن إرساء دعائم بيئة أسرية أكثر استقرارًا وعدلاً، تُصان فيها حقوق المرأة ويُعزز فيها تماسك المجتمع.