من أجل شرق أوسط ديمقراطي وآمن.. بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي

admin27 مايو 2025آخر تحديث :
من أجل شرق أوسط ديمقراطي وآمن.. بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي
من أجل شرق أوسط ديمقراطي وآمن.. بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي

مشكلة العرب أنهم يناقشون قضاياهم بكثير من العاطفة والشعارات، نفتقد دوما إلى تحليلات عميقة من خارج الصندوق وبكثير من الموضوعية والحياد. قضية فلسطين، صارت قضية مزايدات في العروبة والإسلام ومسرحا للإيديولوجيات التي تحاول فرض منطقها على الأخرين.

تغيرت قواعد اللعبة وتغيرت الكثير من المسلمات، والنظام العالمي في طريق التشكل من جديد، لكن البعض لم يصدق بعد أن هناك تغيرات جدرية تحدث ليس في المنطقة العربية فحسب، لكن في كل أرجاء الكون. لقد كان لقاء الرئيس الامريكي بالرئيس السوري خير دليل على ذلك. الرجل الذي قضى خمس سنوات في السجن وكان مطلوبا لدى امريكا صار اليوم رئيسا ويقود دولة كبيرة وعريقة.

هي السياسة هكذا، كل شيء يتغير، إلا العقل والمنطق العربي جامد لا يتحرك. يقول البعض أن دونالد ترامب يؤسس لحلفاء مستبدين، من خلال خطابه بالرياض حيث قال أنه ترك وراءه عمدا إخفاق سياسات واشنطن السابقة. هذا ما يؤمن به اليساريون الراديكاليون والجماعات الإسلامية، الذين يرون في أموال الخليج حق لهم وللمسلمين وللمستضعفين.

أخطأت وقد تخطأ الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا امر طبيعي، فهي تبحث دوما عن مصالحها ومصالح حلفائها. قد يحمل خطاب واشنطن الكثير من الأمل في بناء الديمقراطية وحماية الحريات، لكن في طريق تطبيقهم لسياسة المصلحة قد يدمرون في طريقهم الكثير من الأمم وبناة الحضارة. انتقدنا كثيرا وبشكل واضح المهندسين الأمريكيين لغزو العراق وأفغانستان ومناطق أخرى، وقلنا أنها أخطاء استراتيجية قاتلة قد تكلف واشنطن الكثير.

مهندسو الترامبية الجدد، فهموا اللعبة جيدا وغيروا لغة الخطاب حيث قال ترامب في جولته لدول الخليج، “إن أفضل طريق للمضي قدمًا هو الطريقة العربية، وأن التحول الكبير في الشرق الأوسط لم يأتِ من ضجيج التدخل الغربي، أو رفض جذري لتراثكم، بل من احتضان تقاليدكم الوطنية واحتضان نفس التراث الذي تحبونه بشدة”.
قد يختلف المحللون عن تعريف هذا الإرث السياسي، يحصره البعض في الاستبداد والقمع من جهة، أو التطرف الديني من جهة أخرى، لكن يرى البعض أن هناك الكثير مما تم أنجازه في الممالك خصوصا، حيث الاستقرار والأمن وفرص الاستثمار تفرض نفسها بقوة. فمأساة العالم العربي لا تكمن فقط في السياسة الاستبدادية، بل أيضا في شعوب غير ناضجة ونخب مثقفة عاجزة، وإعلام تافه أبكم. نعم تجدد الاستبداد في بعض المناطق تتحمله الشعوب لأنها هي من توصل المستبد لمناصب القرار، وأحزاب وجماعات لا يهمها الوطن بقدر ما تهمها التحالفات الخارجية ولعب أدوار مزدوجة من أجل إيديولوجيات قاتلة.

اتفاقيات ترامب ودول الخليج الثلاثة، تخدم مصالحهم أكثر مما تخدم مصالح ترامب، واشنطن تعرف جيدا اليوم أنها بحاجة لحلفائها التقليديين في إشارة واضحة للنفوذ الصيني والروسي، وترامب أكد للأمريكيين أن أمريكا لا زالت حليفا موثوقا به لدى الدول العربية، وهو الأكثر انتقادا في الداخل الأمريكي وفي سياساته الخارجية أيضا. يمكننا القول ان العرب اغتنموا الفرصة أيضا، ووضعوا لأنفسهم موقعا في الخريطة الجيوسياسية العالمية الجديدة

يعترض الكثير عن الرئيس السوري، لكن الكلمة الأخيرة للسوريين، هم أدرى بشأنهم، وقد يكون الرجل المناسب لإخراج باقي الجماعات من المنطقة. الشرق الأوسط يتغير وعلى القادة الفلسطينيين أيضا التغير وتوحيد الصف، والإيمان بالمشروع العربي وحل الدولتين، والابتعاد عن حلفاء الشر وتجار الدين، الكل يريد اليوم شرقا أوسطا آمنا ومستقرا.

الكاتب الصحافي عبدالله العبادي
المختص في الشؤون العربية والإفريقية

اترك رد

الاخبار العاجلة