نزار فوزي يكتب.. عودة العالم إلى عام 1989
يبدو ان العالم قريباً سيشهد نهاية السيطرة المطلقة للغرب التي بدأت مع زوال جدار برلين في 9 نوفمبر 1989 و تقهقر للقطب الثاني الذي مثله الاتحاد السوفيتي على مدى عقود .
مراقبة الحرب الدائرة في أوكرانيا منفردة لن تساعد في محاولتنا لفهم الصورة العامة و من الضرورة مراقبة واسعة لما يجري عالمياً .
قابل الأيام سيبين ما أذا قراءتنا صحيحة أم خاطئة.
يبدو أن قبول أمريكا بتقاسم العالم بين قطبين بات أمراً شبه واضح ويكاد يبدو للعيان .
كنا قد سمعنا مع بداية الحرب في اوكرانيا ان هناك عملية تحول للنظام النقدي العالمي المعتمد على الدولار الى عملات الكترونية وهو ما خبتت عنه الاخبار ما يترك لنا حق التساؤل عن فشل هذا المشروع من عدمه ، الأمر الثاني المهم هو تحول روسيا الى بيع وقودها الاحفوري من نفط و غاز الى الصين و الهند ما يعني ان اوربا لن تتمكن من استعادة حصتها حتى بعد توقف الحرب في أوكرانيا . وبهذا تكون روسيا بات لها نوع من السيطرة على اقتصاد الصين والهند .
بالمقابل نتوقع ان ما يحدث في الحدود بين سوريا والعراق له دلالة مهمة وسيكون التأكيد على دقة قراءتنا للمشهد العام أذا صدقت الاخبار وتخلت روسيا عن النظام في سوريا ومن يدعمه من جميع مليشيات ايران مقابل التنازل الغربي عن الاراضي الاوكرانية و ربما جميع أوكرانيا الى روسيا .
أعادة توزيع مناطق النفوذ العالمية التي حدثت بعد الحرب العالمية الثاني ربما نعيش حدثاً مكررة هذه المرة اذ ان حلف عبر الأطلس ( أمريكا وبريطانيا ) سيكون الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط منطقة نفوذ خالصة له في حين ستكون الصين والهند و دول وسط و جنوب أفريقيا منطقة نفوذ للقطب الآخر ( روسيا و حلفائها)و روسيا لها اليد الطولى كونها مصدر الطاقة الاحفوري نفطاً وغاز اً لهذا الحلف .
فيما سيكون ( عبر الاطلسي) سيطر بشكل تام على جميع أوربا وجعلها تحت طوعه والمتوسط شماله وجنوبه ، ولا يخفى عن بالنا ان اكتشافات مكامن الغاز الطبيعي في شرق المتوسط و سوريا وغرب العراق ستكون البديل لتوفير الطاقة لاوربا بدلاً عما كانت تعتمد عليه من امدادات الطاقة الروسية .
الامر الثاني الذي نرى ان له مدلولات على ما نذهب اليه هو مؤتمر بركس في جنوب افريقيا و السعي لاطلاق نظام مالي عالمي موازي للنظام الذي يعتمد على الدولار كقيمة نقدية و نظام السوفت للتعاملات البنكية بين الدول و ان انطلاق نظام ( مير) من شنغهاي سيكون النظام الموازي للسوفت وستكون الوحدة النقدية هي ( بركس) موازية للدولار مع اننا نتوقع ان بركس ستكون وحدة نقدية معيارية فقط اي غير مطبوعة ورقياً وتكون العملات الوطنية للدول الموقعة على أتفاق بركس هي المتداول في التجارة البينية بين الدول .
هذه محاولتنا لاستقراء المشهد العالمي و قابل الايام ستكشف اقتراب تحليلنا الى الصواب من عدمه ولكن نأمل ان تنتهي هيمنة القطب الواحد على العالم لما شهدناه من وحشية هذه المرحلة وخبرناها من سلوك القوى الغاشمة .
الصحفي العراقي نزار فوزي