إصلاح زريبة أم بناء وطن؟.. بقلم: الدكتور رياض الدليمي

admin8 أغسطس 2025آخر تحديث :
إصلاح زريبة أم بناء وطن؟.. بقلم: الدكتور رياض الدليمي

بقلم: الدكتور رياض الدليمي
باحث وكاتب

في كل مرة أسمع فيها أحدهم يطالب بـ”إصلاح الوضع” في العراق، أجد نفسي أمام صورة ذهنية لا تفارقني: رجل (نزيه) يحمل بيده مكنسة ومجرفة، يدخل إلى زريبة حيوانات مهملة، متعفنة ( اجلكم الله)، تراكمت فيها الأوساخ منذ سنوات… يبدأ بتنظيفها بجهد شريف، لكنه في النهاية يخرج متسخًا، متعبًا، ومخذولًا.
والأسوأ من ذلك؟ أن الحيوانات نفسها التي أراد لها حياة أنظف… تغضب عليه!

هكذا يبدو لي حال أولئك ((الطيبين)) الذين ينادون بالإصلاح داخل مايسمى نظامٍ بنيَ أصلًا على المحاصصة، والفساد، والولاءات الخارجية، وتآكل الدولة. وكأنهم لا يدركون أن الزريبة لا تُصلح… بل تُزال ويُعاد بناء بيت نظيف بدلًا عنها.

الإصلاح؟ لمن؟ ومن أين؟

دعونا نُصارح أنفسنا: من نُريد إصلاحهم؟ أحزاب بنت مصالحها على الخراب؟ أجهزة تدار بعقلية الطائفة والولاء؟ مسؤولون يرون (ماتسمى) الدولة غنيمة لا مسؤولية؟ إصلاح هذا النظام يشبه محاولة تجميل جثة متحللة… قد تنجح في تحسين شكلها قليلًا، لكنها تبقى ميتة.

المنادون بالإصلاح، رغم نبل نواياهم، لا يملكون أدوات التغيير الحقيقية، لأنهم يتحركون داخل منظومة ترفض التغيير أصلًا. بل وتحارب من يحاول تغييرها. والإصلاح من داخل هذه المنظومة ليس أكثر من استنزاف للطاقة، وتلميع لسقف متهالك، بينما الأرضية تغرق في المستنقع.

التغيير.. لا الترقيع

الحل لا يكمن في مكنسة ومجرفة، بل في جرافة تهدم البنية المتهالكة، وتضع أسسًا جديدة لوطن يُبنى على المواطنة، والعدالة، والشفافية، والانتماء الحقيقي. الحل في التغيير الجذري لا في الترقيع. لا نريد إصلاح زريبة، بل نريد بناء بيت صالح للإنسان.

إن مستقبل العراق لا يُصنع على يد من أوصلوه إلى هذا الحال، ولا يُصاغ داخل أروقة النظام القائم. بل يصنعه جيل جديد، بثقافة جديدة، وأدوات جديدة، ورؤية لا تخشى من طرح السؤال الكبير: هل ما نريده هو إصلاح زريبة… أم بناء وطن؟

الجواب واضح، لكنه يتطلب شجاعة… وشرف المحاولة الحقيقية.

الاخبار العاجلة