اليد الخفية في تطور الفكر الاقتصاديّ..
روشتة العلاج الإقتصادي من بن خلدون إلي كنزي..
كتب : أحمد النحاس
الفكر الاقتصاديّ Economic Thought هو مجموعة من الدراسات التي تتابع الخطوات البشريّة المُستخدمة في البحث عن القوانين الاقتصاديّة واكتشافها؛ عن طريق دراسة أبحاث وآراء العُلماء حول ظواهر الاقتصاد الماديّة، منذ العصر البدائيّ مروراً في العصرين الإغريقيّ والرومانيّ ووصولاً إلى كلٍّ من العصر الأوروبيّ والعصر الحديث؛ حيث شكّلت كافة هذه العصور الأُسس والدراسات التي أدّت إلى تأسيس وظهور علم الاقتصاد. ولم يكن تاريخ الفكر الاقتصاديّ مجالاً فكريّاً مُنتشراً ، حتي ظهرت الكُتب والمؤلفات العلميّة الاقتصاديّة العديدة التي قدمت فوائداً للباحثين الاقتصاديين، وكافة أفكار الاقتصاد مرتبطة مع الإنتاج المكانيّ والزمانيّ لها، ولا يمكن اعتبارها تمتلك حياةً خاصة بها ومُنفصلةً عن الواقع؛ أيّ عن الحياة العاديّة المرتبطة مع العالم الذي تهتمّ هذه الأفكار بتفسيره، ومثلما يشهد العالم تطوراً كذلك يتطور الفكرُ الاقتصاديّ حتى يتمكن من المحافظة على أهميته، فاعتمد تطوره على تأثره بالأفكار الناتجة عن المدارس الاقتصاديّة.
أما السوق Market ..فهو المكان الذي يلتقي فيه المشترون والبائعون لتبادل السلع والخدمات وغيرها من المعلومات ذات الصلة، ويمكن أن يلتقي كلا الطرفين في مدينة او ولاية او مقاطعة او دولة، وقد يكون السوق مادياً أو افتراضياً؛ وأحد الطرفين (البائع) يبيع منتجاً أو خدمة إلى مشترٍ مقابل مزايا مالية، وفي معظم الأوقات يوجد أكثر من بائع ومشتري واحد في السوق. وتستند قيمة وأسعار المنتج والخدمة على قانون العرض والطلب في السوق؛ فالسوق هو مجموعة من المشترين الفعليين والمحتملين للمنتجات والخدمات.
(1) الفكر الاقتصاديّ البدائيّ .. وُلِدَ بالتزامن مع ظهور الحضارات القديمة ، وظهور العديد من الفلاسفة والمُفكّرين كأرسطو في الحضارة الإغريقيّة، وابن خلدون في الحضارة العربيّة، وشكّلت نظريات المُفكّر العربيّ ابن خلدون نوعاً من أنواع الريادة الاقتصاديّة.
(2) الفكر الاقتصاديّ الكلاسيكيّ.. ساهم كتاب ” ثروة الأُمم ” للعالِم والفيلسوف الاقتصاديّ آدم سميث في تعزيز انطلاق علم الاقتصاد كواحدٍ من العلوم؛ حيث حدد العوامل الإنتاجيّة والمُتمثّلة في رؤوس الأموال، والأيدي العاملة، والأراضيّ، وأكد أنّ نظام الاقتصاد المثاليّ هو المعروف باسم نظام السوق ذاتي التنظيم.
(3) الفكر الاقتصاديّ الماركسيّ .. يعود ظهوره إلى أفكار الفيلسوف والمُفكّر كارل ماركس؛ حيث اهتمّ بعدم وجود أي مُلكيّة فرديّة للأملاك والعناصر الإنتاجيّة؛ والدولة المعتمدة عليه هي دولة البروليتاريا الديكتاتوريّة؛ حيث يهتمّ اقتصادها ومُجتمعها بضرورة تحقيق العدل والمساواة بين الأفراد في الموارد الاقتصاديّة.
(4) الفكر الاقتصاديّ الكينزيّ.. اعتمد في تأسيسه على نظرية المُفكّر والفيلسوف وعالم الاقتصاد جون كينز؛ حيث اهتمّ بدراسة قطاعي الاقتصاد العام والخاص، والمعروفان اقتصاديّاً باسم الاقتصاد المُختلط، واختلفت أفكاره عن أفكار اقتصاد السوق الحُرّ؛ واتّفق مع الكلاسيكيين حول تأثير الطلب على السّلع، وتميّزه بدورٍ مُهمٍ في حالات الركود الاقتصاديّة؛ إذ يُعتقد أن الحكومات تعتمد على الطلب الكُليّ في مُحاربة الكساد والبطالة؛ وانتشر اعتقاد أثناء مرحلة ظهور الكساد الكبير هو عدم ميل الاقتصاد للتوظيف الكُلي الطبيعيّ وفقاً لمبدأ الكلاسيكيين ( اليدّ الخفيّة )، كما أنّ النظرية الحديثة للتوظيف تري أنّ الاقتصاد الرأسماليّ لا يضمن توظيفاً كُليّاً، وتُعدّ حالة التوظيف الكُليّة وفقاً للفكر الاقتصاديّ الكينزيّ حالةً غير دائمة.
أنواع الأسواق
[1] سوق المنافسة الكاملة.. يحتوي على عدد كبير من المستهلكين أو العملاء أو التجار، ويكون خاضعا لنظامٍ معيّن، ويُعرّف وفقا للنظرية الكلاسيكية بأنه السوق الذي يضمّ عددا غير محدود من المستهلكين وأصحاب المصالح، ويكون من الصعب تغيّر أسعار السلع والخدمات فيه لوجود أعداد كبيرة من المؤثرين فيه؛ ويمتاز بأنه لا يحتوي على أي حواجز أو حدود للدخول أو الخروج، ويوفّر دائما المعلومات الكاملة للمستهلك؛ والبضائع فيه متجانسة ولا توجد تكاليف للشحن، ولا توضع عليه القيود الحكومية.
[٢] سوق الاحتكار الكامل.. لا يعتمد على وجود المنافسة، ويعدّ نقيضا لسوق المنافسة الكاملة حيث يكون شخص أو مؤسسة المورد الوحيد لسلعة معينة، وهذه السلعة لا يوجد لها بدائل، وهذا يعني أن العملاء لديهم خيار واحد فقط لشراء منتج معين؛ وفي مثل هذا النظام السوقي يكون المحتكر قادراً على تحصيل أي سعر يريده بسبب غياب المنافسة، لكن إيراداته الإجمالية ستكون محدودة بقدرة العملاء أو استعدادهم لدفع الثمن الذى سيطلبه.
[3] سوق احتكار القلة.. يتضمن عدد قليل من الشركات في نفس الصناعة يعملون معًا للتحكم في العرض والطلب؛ وقد يتعاون قادة الشركات لتقييد توريد سلعهم أو خدماتهم، مما يؤدي إلى زيادة الطلب، ويمكنهم بعد ذلك تحديد أسعار أعلى لمنتجاتهم؛ وتوجد حواجز مختلفة للدخول إلى هذا السوق، وتجد الشركات الجديدة صعوبة في تأسيس نفسها.
[4] سوق المنافسة الاحتكارية.. هو مزيج من سوق الاحتكار وسوق المنافسة الكاملة، حيث يحتوي على مجموعة من المنافسين الذين يقوم البعض منهم باحتكار بعض السلع والخدمات، ومن الأمثلة على هذا السوق شركات الإنتاج الفنّي التي تتنافس فيما بينها؛ لكنها تحتكر الفنانين.