أحمد صالح السرو يكتب: المسمار الأول في نعش الصهاينة
كما تظهر علامات الشيخوخة واتجاه الصحة الجسدية للكائن الحي نحو الموت والهلاك؛ أيضا يحدث ما يشبه ذلك – ويضاهيه في النتائج – مع الأمم والدول؛ وتظهر عليها علامات الشيخوخة؛ وتتكالب عليها ضربات الأزمات الداخلية والخارجية؛ مهما كانت صغيرة في عمرها؛ قدرة الأمة على مواجهة كوارث وضربات الزمان؛ سواء من أعداء خارجيين؛ أو من فئات وطوائف داخل الدولة؛ ترجع إلى قوة تجذّر جينات أفراد الدولة بتراب تلك الدولة.
فلو رجعت عبر القرون الماضية؛ تجد أغلب الأمم التي ماتت كان هناك مسمار أوليّ في نعشها؛ ومن ثَم يتوالى دق المسامير؛ لتجهيز النعش لحمل جسدها إلى مقبرة التاريخ؛ ولنأخذ مثالاً لدعم تلك النظرية المؤكدة؛ وأختار الدولة العثمانية؛ فأول مسمار دُقّ في نعشها هو فلسفتها ونظام حكمها؛ الذي أقرّته لحكم الولايات التي تم غزوها؛ وخاصة التي كانت في بدء الغزو – وكلها بالمناسبة كانت إسلامية- تنتظر مَن يخلصها من الحكام الفاسدين ومن سيطرة الطغاة؛ والاهتمام بالتعليم والطرق وتأمل أن يعم الأمن والرخاء الاقتصادي بالبلاد؛ ولكن حدث العكس؛ فشرعت الدولة العثمانية تجمع العمال والصُنّاع المحترفين والمهرة من الأمصار؛ وترسلهم إلى عاصمة دولة الخلافة !!؛ ولم تهتم إلا بجمع الجزية المقررة على كل ولاية؛ والغاية تبرر الوسيلة؛ وأدى ذلك أن غرقت الولايات العثمانية في قاع الجهل والتخلف؛ وتبعها غرق الدولة الاسلامية كلها في الجهل؛ وكان بجوارها في الغرب نهضة علمية وثورة صناعية؛ رغم تلاصق الحدود؛ فجهلها جعلها تدق المسمار تلو الآخر لتجهيز نعشها؛ ألهاها عن الحذر؛ إلى أن انهزمت وسقطت نهائياً ورسمياً بعد الحرب العالمية الأولى.
كذلك رؤيتي للكيان الصهيوني المسمي بدولة إسرائيل؛ في الصراع مع الشعب الفلسطيني؛ فتوقعات النصر فيه تُقاس بدرجات الاستعداد العسكري؛ والتقدم التكنولوجي لعموم الشعب داخل الدولة؛ وكفاءة التدريب العلمي المتقدم لجيش الدولة؛ سواء النظامي أو الاحتياط؛ ولو وضعنا تلك القياسات في رسم بياني؛ لوجدنا الخطوط ترجح كفة الصهاينة بأرقام لا تقارن؛ وكانت الدراسة لصالحهم بدون أدنى شك؛ ولكن ما يجهله الكثيرون – بما فيهم المتخصون – من الخبراء في السياسة والعلوم العسكرية تغيب عن أذهانهم حقائق أخرى؛ تكون هي العامل الأول الذي يسبب إما بقاء شعب وصموده أمام التحديات؛ أو هلاكه وتشتته في بقاع الأرض؛ ألا وهي الأسباب التي تتعلق بعقائد شعب الدولة؛ ومدى إرتباطها بتراب الدولة؛ ودرجة انتمائها لاسم الدولة؛ وكذلك لا ننسى مدى تشعب جذورها؛ وجذور أسلافهم؛ وتجذرها خلال تربة هذا الوطن؛ فتجد هناك شعوبا أمنية سكانها الأولى هي أن تموت من أجل تراب بلدها وعقيدتها؛ وهي بالنسبة لهم إحدى الجائزتين؛ إما انتصار وازدهار دولتهم؛ أو الموت في سبيلها؛ ولذلك أظهرت الانتفاضة الأخيرة للشعب الفلسطيني داخل الكيان الصهيوني – وهم ما يسمون بعرب 48- فظاعة الألم من معاناتهم طوال أكثر من سبعين عاماً من التفرقة العنصرية الشديدة؛ والاضطهاد في المعاملة؛ حتى أمام القانون الواحد يفسر حسب لون وجنس المتخاصمين؛ ولا تنسى التهجير والطرد من بيوتهم وبيوت اجدادهم بحجج واهية.
ومن وجهة نظري المتواضعة أن دولة اسرائيل المزعومة وصلت إلى مرحلة الاحتضار؛. وخاصة أن هذه “الدولة” أصبحت مقسمة إلى عدة طوائف حسب الدين وايضا حسب الطائفة؛ فيهود إفريقيا والعرب غير يهود روسيا وأوروبا الشرقية؛ وفوق الجميع أصحاب الدم اليهودي النقي وهم يهود أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
إسرائيل أصبحت مثل البالونة في يد طفل مستمر في النفخ فيها وهو لا يعي عواقب أفعاله؛ هكذا حكام وحكماء اسرائيل؛ إما لا يدركون ما سوف يحدث لدولتهم ؛ التي أصبحت مثل البالونة في يد طفل؛ أو اعماهم الخالق عن الحقيقة التي يراها ويتوقع ابسط متابع وما سوف يحدث؛ فعندما تصل قوة الضغط والنفخ في البالونة؛ إلى الدرجة التي لا يتحملها جسدها؛ فإنها لا تثقب ثقب بسيط يمكن لصقه وعلاجه؛ وإنما سوف تنفجر ذاتياً وتتمزق إلى أشلاء تتطاير في كل مكان؛ ويرحل المستوطنون إلى ديارهم التي هجروا منها لعيش خدعة كاذبة.