الدكتور خالد عياد يكتب.. الإقماع والإقناع في وسائل الإعلام
أختلط الأمر على مسمى من هو الإعلامي … هل هو المذيع أو مقدم البرنامج ؟ أو هو كل من يعمل أمام الكاميرا ؟ أو هو كل من يعمل لدى مبنى التلفزيون وبالتالي فهو تابع لنقابة الإعلاميين أو هوكل من يعمل خلف الكاميرات ؟
وهل نقابة الإعلاميين جهة رقابية على المحتوى الإعلامي المقدم على الفضائيات ؟ أم ماذا ؟ لا يوجد تحديد وبالتالي هناك شيء من الفوضى ومحاولة إظهار الصوت الواحد والإتجاه الواحد وهو ما ينتج عنه تجهيل للمجتمع ..
في هذا العصر عصر السوشيال مديا وهو العصر الذي أصبح فيه كل فرد وله جهازه الإعلامي الخاص به في يده ويستطيع أن يقدم المحتوي الذي يريده وفى نفس الوقت يستطيع أن يصبح نجم وترند وبكل سهولة إن كان لديه المال أو يدعمه ممول يقوم بالأنفاق على المحتوى وتسويقة وشراء وتحقيق نسبة المشاهدات التي يريدها ويستطيع أن يحدد نوعية مشاهدينه وفى المنطقة والبلد التي يريدها.
فيسطيع من يمتلك تلك المقومات أن يحقق ملايين المشاهدات خلال ساعات قليلة.
وكل هؤلاء لم يتجرأ أحد منهم أن يطلق على نفسه لقب إعلامي فهو “بلوجر” أو” يتيوبر” أو” توك توكر” أو غير ذلك …
و الإعلامي من وجهة نظري هو من يمتلك العلم ويستطيع توصيله إلى أكبر نسبة مشاهدين خلال وسيلة إعلامية مَقْرُوءَةٌ أو مَسْمُوعَةٌ أو مَرْئِيَّةٌ…
والعلماء والخبراء لابد أن يتنوعوا حتى تتمكن الدولة من تغير أنماط تفكير البشر وتوجيه الرأي العام لما فيه صالح للوطن…
ولهذا كان لابد أن تمتلك الدولة جهازها الإعلامي الخاص بها لتوازن إختلاف ما تقدمه القنوات الفضائية المختلفة و وسائل الأعلام المتنوعة بمبدأ حق الرد.
وكل مواطن في الدولة يكفل له الدستور أن يدلو برأيه الخاص عن قناعاته الخاصة بحيث أن لا يجنح هذا المواطن عن الصالح العام أو لا يعمل على أثارة الفتن بمبدأ أنت حر طالما لم تضر وهذا معمول به في كل بقاع الأرض وفى أعظم دول العالم.
ولهذا ليس من الدستور أو المنطق أن المواطن سواء كان يعمل لدى الجهاز الحكومي للدولة أو القطاع الخاص أن يستأذن لكي يخرج على منبر من المنابر الإعلامية ليدلو بدلوه العلمي أو يعرض خبرته الحياتية أو يستأذن حينما يسأل في مداخلة إعلامية طالما أن القناة التي يظهر بها قناة غير معادية لسياسة الدولة وما يقوله هي آراء شخصية أو علم ينتفع به.
على هذا الأساس فأي أستاذ جامعي أو أي كاتب أو صحفي أو كل من يعمل في مهنة علمية سواء نظرية أو دينية أو عملية فهو في نظر الدولة عالم ويأخذ راتبه نظير توصيل علمه وقراءاته للعامة و إن كان لديه المقدرة على توصيل هذا العلم أو هذه الخبرات في صيغة إعلامية من أي نوع من صور الإعلام المتنوعة فهو إعلامي وهذا دوره الأساسي وهو المسئول عنه وعن كل ما يقدمه مسئولية شخصية طالما كما ذكرت في بداية المقال في إطار الصالح العام .
ثم يأتي الدور الرقابي والمتابعة كمرحلة تالية وليس مسبقة عن المرحلة الأولي .
فنحن في عصر السموات المفتوحة و هو العصر الذي فيه كل فرد في العالم وله منبره الإعلامي الخاص في بيده عن طريق تلفونه المحمول والذي يكون متصل بصفة مستمرة بكل العالم ..فيستطيع كل شخص في حجرة نومه أو وهو في الحمام أن يتوجه بمحتواه الإعلامي الخاص لكل الناس… فقد ولي زمن تكميم الأفواه … ومع ذلك فهناك طرق كثيرة معاصرة حديثة يمكن أن تتخذها أي دولة في تشكيل الرأي العام لشعبها وبطريقة “مقنعة” من غير أن تكون “مقمعة ” فالأقناع له وسائله المتعددة والإقماع أيضاً يمكن أن يصبح وبطريقة علمية إقماع فى صورة إقناع.
وما هو مباح إعلامياً للمواطن العادي سواء كان موظفاً داخل الجهاز الإداري للدولة أو القطاع الخاص ليس مباحاً للمواطن المسئول داخل الجهاز الحكومي فهو داخل نظام له سياساته و في مطبخه الخاص وأي حديث إعلامي لابد أن يكون بتصريح من رأس نظام المؤسسة التي يعمل بها.
الإعلامي كلمة والكلمة مسئولية..فالكلمة نور وبعض الكلمات قبور ومابين النور والقبور هناك حياة تتطور وأدوات تتغير وأساليب تفكيرية تتطور لتناسب العصر المتغير دائماً ولنا الله وعليه لا علي غيره يتوكل أصحاب الكلمة والفكر الذين لا يبغون بأفكارهم وكلماتهم غير ابتغاء وجهة الله سبحانه وتعالي