الدكتور محمد العرب يكتب.. المعلم السارق والقاضي الذكي
هو رمز في عدة ثقافات حول العالم، في الثقافة اليونانية يعتبر رمزا للتنبؤ والرؤى، أما في الحضارة الرومانية القديمة فيعتبر رمزا للموت والحروب والكوارث ورؤيته تنبئ بوقوع كارثة قادمة أو مصير سيئ…!
بغض النظر عن الرمزية المتوارثة، يظل مخلوقًا ذكيًّا وغامضًا، يتمتع بقدرات استثنائية في البقاء على قيد الحياة والتكيف في بيئات متنوعة،
وقد ورد ذكره في القرآن الكريم كمبعوث رباني ومعلم للإنسان، يعلم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض)، نعم إنه الغراب أذكى الطيور، يمتلك أكبر دماغ بين الطيور ولديه ذاكرة قوية جدا تجعله يحفظ الوجوه لفترات طويلة ويصنع أدوات من الطبيعة يستخدمها في الحصول على طعامه، الغراب يمكن أن يقلد أصوات البشر بشكل واضح أكثر من الببغاء، بشرط تربيته من الصغر، حيث إن نسبة ذكائه تفوق نسبة ذكاء القرود وتعادل نسبة ذكاء الطفل بعمر خمس سنوات، تلك الخصائص الفردية لا تقل دهشة عن الخصائص الجماعية، فمجتمع الغربان لديه قوانين تحاكي قوانين البشر، خاصة الثواب والعقاب، والعدل قيمة تميز مجتمع الغربان يطبق من خلال محاكم للغربان فالمعتدية على الطعام أو الصغار أو أنثى غيره يعاقب بالضرب والطرد وأحيانا بالموت..!
اقرأ ايضا:
الدكتور محمد العرب يكتب.. بعوض «غيتس» الخطير
دائما ما ينجذب الغراب إلى الأشياء الملونة واللامعة، مثل الذهب، الفضة الإكسسوارات والمصوغات، لذا توجد في عش الغراب أشياء لامعة وقطع صابون، إذن فهو سارق بارع نادرًا ما يفشل، وعندما ينفق أحد الغربان فإن بقية الطيور تحيط بالغراب النافق بمشهد جنائزي مدهش ويتم البحث في أسباب النفوق، فإن كان قد قتل، تتجمع جميع الغربان وتطارد القاتل حتى تقضي عليه، كما تقوم بدفن الغراب النافق…!
– للغربان أيضًا لغة تخاطب؛ حيث يصدر عنها عدد كبير من النداءات، وتستخدم الغربان هذه اللغة في إبعاد الأعداء والاستغاثة والحوار مع أبناء جنسها، أما شجاعتها فهي مدهشة إلى درجة مزاحمة أقوى الطيور، فهي تهاجم النسور وتزعجها مما يدفع النسور لممارسة الهروب النبيل بالتحليق عاليا حتى تتخلص من الغربان، والغربان تتخلص من الغراب المريض الذي يشكل مرضه خطرا عليها..!
ختامًا…في همس الرياح وعبق الغموض، يرقص الغراب مع الشمس ويشدو بألحان الدهشة، فلا تكتفي برؤية ريشه الأسود اللامع، بل اكتشف في عينيه رموز الحكمة والغموض، ففي قوة ذكائه وسحر تكيفه، يكمن سر الدهشة الأبدية لهذا الطائر الساحر..!
– لمحة يمكننا استخلاص العبرة من اختيار الله «عز وجل» للغراب كمعلم للإنسان، وهي أننا يجب أن نكون مستعدين لاستقبال العلم والحكمة من مختلف المصادر غير المتوقعة، وأن نفتح قلوبنا وعقولنا لتعلم الدروس التي تعلمها الحياة من حولنا، حتى لو كان المعلم مجرد غراب..!
اقرأ ايضا: