ماهر الصفار يكتب.. التجديد و امتداده مع الأصول
كان جلال الدين الحنفي رحمه الله مجدداً في كل شيء والتقيته عدة مرات في الثمانينات القرن الماضي وفي مناسبات عديدة وذات مرة سألته عن خطبته المختصرة وهي عبارة عن سطر ونصف السطر التي ألقاها في صلاة يوم الجمعه بجامع الخلفاء ونشرها في زاويته الأسبوعية “رؤس اقلام” في صحيفة القادسية فأجاب : ان تُذكر الناس بموعضة واحدة مختصرة تبقى في ذاكرتهم افضل من عشرات المواعض التي تجعل الخطبة مملة وينساها المتلقي بعد الانتهاء من الصلاة ..
مشيرا كذلك إلى ان منطقة تواجد جامع الخلفاء في منطقة تجارية تجعل رواده اغلبهم من المستطرقين او اصحاب مهن تجارية مما يتطلب التخفيف وعدم الأثقال ..وكان الحنفي يرفض استخدام مكبر الصوت في اداء الأذان واستبدلها بوقوف المؤذن في باحة الجامع ووجهه باتجاه شارع الخلفاء المزدحم وهو يؤدي الأذان
وكان له رأي بموضوع استخدام مكبر الصوت في المساجد والجوامع.. وفيما يخص جامع الخلفاء كان يبرر ذلك بان الجامع يقع مقابل محلة “عكد النصارى “التي تضم المدارس المسيحية وكنيسة اللاتين التي لا تفصلها عن الجامع غير شارع الخلفاء مؤكداً ان على المسلم احترام مشاعر الطوائف من الاديان الأخرى وهذا يتطلب عدم اقتحام صوت المكبر خمس مرات باليوم إلى داخل الكنيسة والمدارس القريبة منها ..
كما ان الجامع يحيطه بيوت العمال والكسبة الفقراء المتلاصقة ببعضها في محلة سوق الغزل وان هذه البيوت تضم مرضى من كبار السن وأطفال رضع ليس من المستحسن استخدام مكبرات الصوت واقتحام خلوتهم وإزعاجهم اثناء النوم ..
مشيرا إلى ان ساعة اليد اصبحت في متناول الجميع لرخص ثمنها وان المصلي الحريص يعرف أوقات الصلاة بدون الحاجة إلى من يذكره بها عبر مكبرات الصوت التي تمت استخدامها اول مرة في المسجد الحرام عام 1947..
يعرف ان جامع الخلفاء في بغداد كان ضمن دار الخلافة العباسية في بغداد المدورة على مدى قرون حتى نهاية العباسيين على يد قائد المغول هولاكو
# الشيخ جلال الدين الحنفي البغدادي 1914- 2006 فقيه وعالم موسوعي وكاتب وصحفي ومؤرخ ولغوي خبير علم العروض وتميز على نحو خاص باهتمامه في التراث والتاريخ المحلي البغدادي وعلوم المقام العراقي حتى إمتزج إسمه بهما كما امتزج إسمه بجامع الخلفاء لعمرهِ الطويل الذي قضاه فيه معلماً وإماماً وخطيباً..