الدكتور محمد العرب يكتب.. انشطار إفريقيا وولادة محيط جديد
في عام 2018، فاجأ صدع ضخم ظهر في جنوب غربي كينيا العالم، متسببًا في انقسام طريق «نيروبي- ناروك» بشكل غير متوقع..!
هذا الحدث كان مجرد لمحة عن تحولات جيولوجية أعمق تحدث تحت سطح الأرض، التحولات التي وصفتها أحدث الدراسات التي نشرت في دورية «جيوفيزيكال ريسيرتش لترز جورنال» بولادة محيط جديد يتكون ببطء في إفريقيا، بسبب صدع طوله 56 كيلومترًا ظهر في صحاري إثيوبيا، وبينما تؤكد الدراسة أن هذه العملية قد تستغرق ملايين السنين، إلا أنها تفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل القارة الإفريقية والتغيرات الجيولوجية المحتملة.
ويرى العلماء أن تشكل هذا الصدع بسبب حركة الصفائح التكتونية التي تكون الغلاف الصخري للأرض وهذه الصفائح غير الثابتة بطبيعتها، تتحرك فوق بعضها البعض بسرعات متفاوتة نتيجة الضغط المتولد عند الحدود الفاصلة بينها، هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى تفكيك الصفائح وتشكيل صدع أو شرخ، مما يخلق حدودًا جديدة للصفائح وهذا ما يحدث الآن في شرق إفريقيا، حيث يمتد الصدع من خليج عدن في الشمال إلى زيمبابوي في الجنوب.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هذا التغيير الجيولوجي يمثل تهديدًا أم فرصة؟ بعض الآراء تشير إلى أن انقسام القارة الإفريقية قد يؤدي إلى تشكل جزيرة جديدة في المحيط الهندي، مما يغير الخرائط الجغرافية ويعيد تشكيل الاقتصاديات والبيئات المحلية، بينما يرى آخرون في هذا التغيير فرصة لفهم أعمق لتحركات الصفائح التكتونية وتاريخ الأرض، ومن ناحية أخرى هناك من يحذر من التداعيات السلبية المحتملة لهذا التحول الجيولوجي.
يعتقد العلماء أن الصدع الإفريقي العظيم سيستمر في التوسع، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انفصال الجزء الشرقي من القارة الأفريقية عن الجزء الغربي، هذا السيناريو يتطلب ملايين السنين، لكن فهمه يساعدنا في توقع التغيرات الجيولوجية المستقبلية والاستعداد لها.
في النهاية، يبقى صدع إفريقيا العظيم تذكيرًا بقوة الطبيعة وديناميكيتها، وبينما نراقب هذه التحولات، يجب أن نستعد لمواجهة التحديات واستغلال الفرص التي قد تنشأ منها وعلينا أن نتذكر أن الأرض ليست ثابتة، وأن التغيرات الجيولوجية هي جزء من دورة الحياة الطبيعية التي تحمل في طياتها التهديد والفرص على حد سواء..
@malarab1