الدكتور محمد العرب يكتب.. استراتيجيات قانونية لمحاسبة إسرائيل
في ظل تصاعد النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية في الشرق الأوسط، تبرز الحاجة إلى إيجاد آليات فعّالة لمحاسبة الدول عن الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين ، تداعيات الاحتلال الاسرائيلي الغاشم لفلسطين أوصلنا الى شفير حرب عالمية ثالثة ستكون تداعياتها خطيرة ومدمرة ، هناك جهود مستمرة على الساحة الدولية لمواجهة الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بشكل إجرامي سافر ، لكن التحدي الأساسي يكمن في مدى قدرة النظام القضائي الدولي على فرض عقوبات فعّالة ، محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية أدوات هامة في توجيه التهم وإصدار الأحكام، إلا أن تنفيذ تلك الأحكام يواجه عقبات جيوسياسية قوية.
التحركات القانونية ضد إسرائيل عادة ما تصطدم بدعم دولي واسع من حلفائها، مما يجعل تطبيق الأحكام الصادرة من الهيئات الدولية شبه مستحيل. ومع ذلك، هناك خيارات مبتكرة يمكن أن تعزز فرص مساءلة إسرائيل وتحقيق العدالة.
إحدى الاستراتيجيات المبتكرة تتمثل في استغلال القضاء الوطني لبعض الدول الأوروبية التي تتيح محاكمها إمكانية تلقي بلاغات تتعلق بالجرائم الدولية مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. بلجيكا وإسبانيا من الدول التي يمكن رفع قضايا فيها ضد المسؤولين عن الانتهاكات، ما يمنح هذه المحاكم صلاحية إصدار مذكرات توقيف دولية. هذا الخيار القانوني سبق أن استخدم بنجاح ضد شخصيات سياسية إسرائيلية، مثل قضية أرييل شارون في عام 2002، حين تم رفع قضية ضده في المحاكم البلجيكية، مما جعله يتجنب السفر إلى أوروبا.
من ناحية أخرى، يتطلب الوضع الحالي توسيع نطاق الولاية القضائية للمحاكم الدولية لتشمل الجرائم المرتكبة من قبل دول غير موقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، مثل إسرائيل. يمكن تحقيق ذلك من خلال اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يمتلك صلاحية إحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
على الرغم من أن هذا المسار يواجه تعقيدات سياسية، إلا أنه يمثل وسيلة لتخطي العقبات القانونية الناجمة عن عدم عضوية إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية تُعد أيضاً أدوات فعالة يمكن استخدامها بالتوازي مع التحركات القانونية. فرض عقوبات اقتصادية على المسؤولين المتورطين في الجرائم أو على الدولة نفسها قد يؤدي إلى تغيير في السلوك السياسي، خاصة إذا كان مدعوما بتحالف دولي واسع ، التنسيق بين الدول التي تدعم القضية الفلسطينية، وتفعيل نفوذها في المنظمات الدولية، يمكن أن يعزز من قدرة هذه التحركات على إحداث تأثير حقيقي.
المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الدولية تلعب دوراً حيوياً في دعم هذه الجهود من خلال توثيق الجرائم وجمع الأدلة القانونية اللازمة لرفع القضايا وهذا الدعم يشكل أساساً قوياً للمحاكمات الدولية، ويعزز من فرص نجاح المساعي القانونية.
ختاما…يبقى النظام القضائي الدولي أداة هامة لمساءلة الدول عن الجرائم ضد الإنسانية، لكن التحدي يكمن في تجاوز العقبات التي تفرضها الجغرافيا السياسية. تبني استراتيجيات قانونية مبتكرة، مثل استغلال المحاكم الوطنية الأوروبية والضغوط الاقتصادية، يمكن أن يوفر طرقاً فعالة لتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.