الدكتور محمد العرب يكتب.. قراءة في أوراق فارس حائل وقائد التحول
بعد غياب دام خمس سنوات عن آخر زيارة لي إلى حائل، وجدت نفسي ضيفاً على ناديها الأدبي، حيث أخذني الدكتور نايف المهيلب، رئيس النادي، في جولة معرفة واستكشاف شملت المدينة ومراكزها القريبة وكانت تلك الجولة بمثابة فرصة للتأمل في تحولاتها، وحينها وجب أن أضع شهادتي للتاريخ. في قلب الجزيرة العربية، تتألق حائل كجوهرة تلمع بين جبالها، مدينة حملت عبق التاريخ، لكنها تنبض بروح الحداثة والنهضة في عهد أميرها عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز آل سعود.
هذا الأمير لم يكن قائداً عابراً يحمل أعباء الإمارة فحسب، بل فارسٌ ذو رؤية، قاد حائل بحكمة الأديب وحنكة القائد ليبدع في تحويل المدينة إلى مركز حضاري يضاهي كبرى المدن، مستنداً إلى إرث تاريخي عميق، ومتصالحاً مع تحديات الحاضر والمستقبل ، نهجه لم يكن مجرد تخطيط للمشاريع، بل كان صياغة لمستقبل يعكس تطلعات رؤية المملكة 2030، حيث استطاع أن يجسد نهضة متكاملة تمتد عبر مجالات البنية التحتية، والثقافة، والتعليم، والاقتصاد.
لقد خطت حائل خطوات جبارة في عهده، حيث أطلق مشاريع تنموية كبرى تعزز من جودة حياة السكان، ولم تقتصر إنجازاته على تحديث الطرقات أو إنشاء المرافق فحسب، بل أولى اهتماماً خاصاً بالإنسان، بوصفه العنصر الأهم في معادلة النهضة. دعم الأمير عبد العزيز للثقافة والتعليم كان واضحاً وجلياً ، حيث شهدت المدينة نهضة تعليمية ملحوظة، وازدهرت الأنشطة الثقافية والفنية، ليصبح للنادي الأدبي وللفعاليات الثقافية والرياضية حضور بارز، يشد الانتباه ويجذب الشباب للإبداع والمشاركة المجتمعية الفعالة.
الأمير عبد العزيز ليس مجرد أمير حاكم، بل هو شاعر وأديب أيضاً ، تتجلى بلاغته في كلماته التي تلامس القلوب قبل الآذان ، يتحدث كشاعر عاشق لحائل، وكقائد يحرص على نهضتها ، تلك الروح الأدبية التي تسكن فيه تُضفي على كلماته بُعداً آخر من الحكمة، فهو القادر على الجمع بين الحزم والعاطفة، بين صلابة القيادة ورقة الشعر ، وقد عكست قصائده حب الوطن والتزامه بقيمه، لتصبح مصدر إلهام لأبناء حائل، تشجعهم على مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات.
إن الحديث عن الأمير عبد العزيز بن سعد هو حديث عن قائد استطاع أن يمزج بين أصالة القيم وجسارة الطموح، ليقدم نموذجاً فريداً في القيادة والتنمية. بفضل رؤيته المتبصرة وحكمته، استطاعت حائل أن تتحول إلى وجهة حضارية متكاملة، تجمع بين جمال الطبيعة وروعة التخطيط، وبين عمق التاريخ وحداثة العصر. في كل زاوية من المدينة يمكن رؤية أثره، سواء في ملامح التطور العمراني أو في الفعاليات التي تحيي الروح الثقافية للمنطقة.
من خلال هذه الإنجازات، نجد أن حائل لم تعد فقط مدينة تاريخية تتغنى بالماضي، بل أصبحت عنواناً للحاضر والمستقبل، وشاهداً على قدرة الأمير عبد العزيز على تحويل الطموحات إلى واقع ملموس. إن حائل في عهده قصة نجاح ترويها معالم المدينة وأبناؤها…