“حرمة المال العام”.. خطبة الجمعة بمسجد سيدي احمد البدوي
الحمدلله على نعمه التي لا تحصى ولا تعد والصلاة والسلام على سيدنا محمد عددمافي علم الله صلاة دائمة بداوم ملك الله وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا
وبعد
المال نعمة من أجل نعم الله عزوجل على عباده فهو ضروري في حياة الناس ومعاشهم وبه تستقيم شئونهم وهو قوام الحياة الإنسانية وسلاح الإنسان في المهمات والملمات والمال هو زينة الحياة الدنيا قال تعالى ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا”
ولا يستطيع عاقل أن ينكر ماللمال من أهمية في تسيير أمور الحياة وتحقيق وسائل العيش الكريم
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبن ملك على جهل واقلال
وعلى الرغم من أهمية المال ولكن الإسلام الحنيف جعل المال وسيلة وليس غاية فإذا استعمله صاحبه في الخير أصبح المال نعمة وصار مصدر سعادة لصاحبه اما إذا استعمله في الشر أصبح المال نقمة وصار مصدر شقاء وتعاسة على صاحبه.
وللأسف الشديد الذي يتأمل عالم الناس اليوم يرى أنه عالم قد تغيرت فيه كثير من القيم الصحيحة والمفاهيم السليمة.
هو عالم طغت فيه المادة على كثير من الناس إلا من رحم ربي عزوجل
انشغل فيه كثير من الناس بجمع الأموال ولا يهتمون بحلال أو حرام وصدق فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أمن الحرام”
ومن الصور المحرمة للاعتداء على الأموال وتؤدي إلى تدمير المجتمع ونزع الخير منه استباحة المال العام والاعتداء عليه.
المال العام هو مايملكه المجتمع ومخصص لمصلحة أو منفعة عامة فهو ملك لجميع أفراد المجتمع ومنفعته تعود على جميع أفراد المجتمع وبه تدار شئون البلاد والعباد كالمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمؤسسات الحكومية والطرق التي نسير فيها.
كل ذلك مال عام الحفاظ عليه مسئولية الجميع وحمايته ضرورية شرعية والاعتداء عليه والسرقة منه اعتداء وسرقة من الأمة كلها، والقائم عليه أمين فإذا سرق منه أو بدده أو كان سببا في ضياعه وهلاكه فهو خائن للأمانة
قال تعالى ” ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون”
ويوجد الكثير من الآيات والأحاديث التي تتوعد من يعتدي على المال العام بغير حق
قال تعالى ” ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة”
الغلول ( بضم الغين) هو ما أخذ من المال العام بغير حق وأنه يأتي به يحمله على كتفه يوم القيامة يفضحه الله على رؤوس الأشهاد عافانا الله وإياكم،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه فهو غلول يأت به القيامة، ومن استعملناه منكم على عمل ورزقناه رزقناه فمااخذ بعد ذلك فهو غلول”
فهذا تحريم الرشوة والمحسوبية والمجاملة أو أي منفعة تعود عليك بسبب وظيفتك أو عملك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” أن رجالا يخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار
يوم القيامة ”
فهدا تحذير من التصرف في المال العام بغير حق و تحذير من ضياعه وهلاكه.
وفي غزوة خيبر غلام كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخذ شملة ( عباءة) من الغنائم قبل أن تقسم واصابه سهم فمات فقال الصحابة هنيئا له الشهادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” انها تشتعل عليه نارا”
فالمال العام أشد حرمة من المال الخاص ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول إني أنزلت نفسى من مال الله منزله اليتيم أن استغنيت تعففت وان افتقرت أكلت بالمعروف.
وواجب على كل مسلم أن يحترم المال العام فهو ليس ملكا لفئة معينة ولكنه ملك لجميع أفراد المجتمع ومنفعته تعود على جميع أفراد المجتمع والقائم عليه أمين ومسئول عن حفظه وصيانته وتنميته وتحصيله وصرفه لأهله فإذا سرق منه أو بدده أو تساهل في ضياعه وهلاكه أو تكسب بسببه فهو خائن للأمانة وقد أمرنا الله بأداء الأمانة قال تعالى ” أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أدى الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك”
فاتقوا الله عباد الله وراقبوه في السر والعلن تسعدوا في الدنيا والآخرة وتذكروا قول الله تعالى ” ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به”
فاحذروا اللقمة الحرام فإنها ملعونة توهن البدن وسبب لظلمة القلب وعدم استجابة الدعاء وعدم قبول الأعمال ونزع الخير والبركة
جمع الحلال مع الحرام ليكثره فضاق الحرام على الحلال فبعثره
وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك”
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها ومن يقوم على أمنها من كل سوء
الدكتور محمود الهلالي
امام وخطيب مسجد سيدي احمد البدوي