عاجل
أهم الأخبارتحقيقات وتقارير

الحرب العرقية تدق أبواب جنوب السودان من جديد

يبدو أن الوضع في جنوب السودان ينحو نحو الهاوية بعد فشل محاولات إحلال السلام حسب مراقبين أميين، فالوضع على شفا حرب عرقية جديدة، بحيث جاء في تحذير مسؤول الأمم المتحدة في البلاد بأن الوضع خطير، كما أكد على ضرورة مشاركة الرئيس سيلفا كير ومنافسه رياك مشار في جهود إحلال السلام بالبلاد والتي تقودها الأمم المتحدة، ووضع مصالح الشعب كأولوية عليا بعيدا عن المصالح الضيقة.

حمل استقلال جنوب السودان قبل عقد ونصف من الزمن آمالا كبيرة في بلد غني بالنفط، لكن الوضع انفجر في أقل من سنتين إلى حرب أهلية بين قوات قبيلة الدينكا العرقية الموالية لسيلفا كير وقوات قبيلة النوير العرقية التابعة لرياك مشار، حيث استمرت الحرب العرقية لأكثر من خمس سنوات راح ضحيته أكثر من 400 ألف شخص وانتهت باتفاق سلام عام 2018 بين الزعيمين، حيث شكلا حكومة وحدة وطنية في انتظار إجراء انتخابات رئاسية.

بموجب هذا الاتفاق، كان من المفترض إجراء الانتخابات في فبراير من عام 2023، لكن تم تأجيلها إلى ديسمبر2024 ثم إلى 2026، وذلك راجع لعدة أسباب وخلافات بين الطرفين، منها القتال في شمال البلاد بين متمردين يسمون أنفسهم بالجيش الأبيض موالون للسيد مشار وبين القوات الحكومية.


وكانت مروحية تابعة للأمم المتحدة قد تعرضت لإطلاق نار في عملية إجلاء للقوات الحكومية في مدينة ناصر في ولاية أعالي النيل، حيث قتل أحد كبار الجنرالات. بعدها بأيام سيطر الجيش الأبيض على حامية ناصر العسكرية، وفي المقابل وكرد فعل، تم حصار إقامة رياك مشار واعتقال العديد من مقربيه في جوبا.

الوضع يتدهور أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات المبرمجة وتزايد المنافسة بين الزعيمين، قد يؤدي إلى تأجيلها مرة اخرى، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق وهدنة بين الطرفين أو بالأحرى بين القبيلتين للتحضير للانتخابات. ويرى مراقبون أن المرشحان لا يستطيعان تنفيذ اتفاق السلام المبرم وبذلك فهما غير قادرين على ضمان انتخابات نزيهة وتوفير جو ملائم لتحول سياسي وديمقراطي مأمول.

وعانى جنوب السودان ولا زال يعاني من الانقسامات العرقية التي تهدد مستقبل البلاد وتجعل منه ساحة حرب مفتوحة في كل وقت لتصفية حسابات عرقية، رغم جهود بعثة الأمم المتحدة هناك والتي يناهز عدد أفرادها 18 ألف جندي. حيث يرى مراقبو الأمم المتحدة أن الحرب الأهلية على وشك الاندلاع ليدخل البلد في فوضى عارمة ستعصف بجهود السلام والانتخابات مرة أخرى.

ولتجنب الحرب العرقية المرتقبة، يُفترض من زعيمي البلاد سيلفا كير ورياك مشار الاجتماع لتنفيذ بنود الاتفاق ووقف زحف الجيش الأبيض والإفراج عن المسؤولين المعتقلين من الطرفين والعودة لطاولة المفاوضات من أجل تجنيب البلاد المواجهات العسكرية المحتملة والتي باتت حتمية لتصفية الحسابات السياسية والعرقية بالبلاد.

بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي
المختص في الشؤون العربية والإفريقية

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى