عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور محمد العرب يكتب.. مسام وأرقام

منذ الحرب العالمية الأولى أصبح الحديث عن الحرب ضد الألغام أو حرب الألغام جزءًا من أدبيات السرد الإعلامي والتاريخي في زمن الحرب والسلم، إذ أصبح اقتلاع أو انتزاع الألغام معركة موازية تكون أحيانًا أصعب من الحرب المسببة لها.

ومن المتعارف عليه أن الألغام من أخطر الأسلحة الخفية التي تستخدم في الحروب، إذ يمكن أن تُحدث أضرارًا جسيمة، وتسفر عن العديد من الإصابات والوفيات، ويبقى تأثيرها لسنوات طويلة تمتد لعقود، وتتفاوت مستويات الخطورة في مختلف أنحاء العالم وفقًا للتقارير الدولية التي ترصد تواجد الألغام المختلفة في 60 دولة في العالم،

وتعد اليمن من بين أخطر الأماكن في العالم، حيث تمتلئ الأراضي بالألغام والذخائر غير المنفجرة، والألغام في اليمن تروي حكاية ألف ليلة وليلة من الرعب، فهي قصة موت تمتد لسنوات طويلة ما قبل الانقلاب الحوثي منذ هدية الراحل العقيد القذافي، الذي أرسل مئات الآلاف منها لحلفائه، ثم مرحلة الصراعات الداخلية المختلفة.

اقرأ ايضا:

محمد العرب يكتب.. آه على اليمن

 

وأخيرًا أصبحت اليمن أكبر حقل ألغام في العالم بدخول الألغام البلاستيكية الإيرانية والألغام المموهة بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية، وهنا لا بد أن أذكر أن مسام المشروع السعودي لإزالة الألغام تخلص من 400.000 لغم وذخيرة غير منفجرة من علب الموت المتفجرة على مدار خمس سنوات، وهو ما يعادل أربعة أضعاف مما حققته كل المنظمات المشابهة والمدعومة دوليا، كما تحتوي أفغانستان على عدد كبير من الألغام التي تم تركها بعد سنوات من الحرب، وتسببت في العديد من الحوادث القاتلة.

وفي العراق تم ترك العديد من الألغام بعد حرب الخليج وبعد الغزو الأمريكي للعراق، كما تمتلئ منطقة الشرق الأوسط بكثير من الألغام، مثل سوريا وليبيا والصومال ومدن الصحراء المغربية…
الأرقام مرعبة في البلاد التي يقبع الموت الخفي تحت أراضيها، والأمم المتحدة ودكاكين حقوق الإنسان لا تقدم حلولًا حقيقية ولا واقعية، بل إنها لا تزود المجتمع الدولي بالأرقام الحقيقية لما يتم استخراجه، وما يبقى متربصا بالحياة..!

شخصيا ومن واقع تجربة أثناء التواجد في مناطق الحروب والنزاعات طوال ثلاثة عقود، وآخرها خمس سنوات متواصلة في اليمن، أعتقد أن مسام تستحق جائزة نوبل للسلام، وتعميم تجربتها الفريدة عالميا، وتوسيع مجال عملها ليشمل الدول المنكوبة بهذه العلب المعدنية المميتة، كما أدعو الإعلام العالمي والعربي إلى دراسة رقعة الموت المتفجر قبل مسام وبعد مسام، ليرصد الدور الاستثنائي غير المسبوق الذي تقوم به..

*لمحة

تشير بعض التقديرات إلى وجود ما بين 60-110 ملايين لغم وذخيرة غير منفجرة في العالم،
أما عدد القتلى والمصابين نتيجة الألغام ومخلفات الحروب في عام 2020، فنحو 7073 إنسانًا، وهو ما يعني أن 19 شخصًا في المتوسط يصابون أو يقتلون يوميا.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى