عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

نزار جاف يكتب.. لكي لا تلحق العمامة بالتاج

يروى الكثير عن حب الدكتاتوريين الطغاة للسلطة وتعطشهم لها وعدم تورعهم عن القيام بأي شئ في سبيل إبقاء زمام الامور بين أيديهم، والمميز في هؤلاء إنهم يمجدون عصورهم بصورة ملفتة للنظر ويركزون على نعت الذين انتزعوا منهم السلطة بأسوأ الالفاظ وأكثرها شناعة وهذه هي الحالة السائدة أو بالأحرى القاعدة المعمول بها ولاسيما في العصر الحديث، لكن لا يبدو إن نظام الملالي يمكن تطبيق هذه الحالة عليه أو اعتبار إنه يخضع للقاعدة ساردة الذکر، فهم وفي غمرة تشبثهم غير العادي بالسلطة وعدم استعدادهم للتخلي عنها مهما كلف الامر ومن أجل ضمان بقائهم واستمرارهم وإبعاد خصومهم الحقيقيين، فإنهم يسمحون لمجاميع مشبوهة وتحت حماية الشرطة والحرس الثوري بأن يهتفون بأعلى أصواتهم لمن أسقط الشعب بالأمس عرشه!

 

في انتفاضة ديسمبر 2017، هتف طلاب الجامعات “الموت للظالم سواء كان الشاه أم القائد” في إشارة للمرشد الاعلى للنظام على وجه التحديد، ولأن هذا الشعار الذي إقترن معه شعارات أخرى تدين جناحي النظام الحاکم في طهران وتؤكد بأن أساس ومصدر ماقد عاناه ويعاني منه الشعب الايراني من أوضاع سلبين هو نظام ولاية الفقيه بعينه، خصوصا وإن واحدا من أهم الشعارات التي حددت هذا المفهوم هو”عدونا ليس في أمريکا بل هو أمامنا هنا”في إشارة لنظام الملالي.

 

الخمينيون الذين کانوا لأعوام طويلة يسبون ويلعنون نظام الشاه ويذکرون مساوئه وجرائمه وفظائعه، فما عدا مما بدا بأن تقوم شرطتهم بحماية مجموعات محددة تردد شعار”لتهنأ روحك رضا شاه”! في حين إن من قام بمجرد تبرع بسيط لقناة”الحرية” للمقاومة الايرانية أو شارك في إحتجاجات ضد النظام يحکم عليه بالاعدام ويتم تنفيذ الحکم بحقه؟ لماذا يتم السماح لمعارض يمجد نظام بائد أسقطه الشعب في بأن يردد الشعارات تحت حماية النظام في حين يتم إعتبار من يشکون بأنه قد شارك في ترديد شعارات معادية للنظام بأنه محاربا وعدوا لله ويجب قتله؟

 

مايجري اليوم في إيران بعد أربعة عقود من حکم نظام الملالي من أحداث وتطورات حافلة بالکثير من التناقضات الصارخة وتخبط ملفت للنظر لم يسبق وإن شهد هذا النظام من نظير لها على الرغم من إنه قد بظروف وأوضاع صعبة ولکن لم تصل به الحال أبدا الى هکذا مفترق، فماذا يحدث؟ ولماذا نجد إن هناك ثمة أصوات تتعالى هنا وهناك بشأن الدعوة للملکية البائدة في إيران وتمجيدها، ولماذا يقوم النظام بنفسه بحماية دعاتها وحراستهم وهم يتظاهرون، هل إن نظام الملالي قد أصبح فجأة مٶمنا بالقيم الديمقراطية وصار في مصاف الدول الغربية؟ إن لهذا التوجه أکثر من سبب وعامل يدفع النظام دفعا بهذا الاتجاه.

إنتفاضة ديسمبر عام 2017، وکذلك إنتفاضة عام 2019، جمع بينهما أمران طالما رکز عليهما القادة والمسٶولون في النظام الايراني، الاول هو غضب وسخط الشعب ورفضه القاطع للنظام والثاني الدور القيادي المتعاظم لمنظمة مجاهدي خلق، وإن إختلاط وإلتقاء هذان العاملان نتج عنهما الانتفاضة المعادية للنظام قلبا وقالبا، وإن ماقد ردده الشعب في الانتفاضتين من شعارات لم يکن قد تم إعدادهما في دهاليز وأروقة مخابرات النظام وحرسه الثوري، بل هو نابع من أعماق ضمير ووجدان الشعب نفسه ومن التوجهات الفکرية والمبدأية لمجاهدي خلق. نظام الملالي يعي جيدا بأن تظاهرة دعاة التمجيد للملکية ليست إلا مجرد زوبعة في فنجانهم، في حين إن تظاهرات الشعب خلال الانتفاضتين المذکورتين کانت سعيا جديا من أجل الاطاحة بهم وإسقاطهم، والذي يجعل الامر أکثر جدية هو إنه بين الشعب ومجاهدي خلق من جانب وبين النظام الايراني من جانب آخر دم مراق وأکثر من 120 ألف ضحية سقط بيد هذا النظام، لکن ليس هناك بين هذا النظام وبين تلك المجاميع التي أعدها النظام بنفسه أي عداء وإختلاف فهم غردوا ويغردون في نفس السرب، وإن هکذا مسرحية ليست إلا من أجل أن لاتلحق العمامة بالتاج وليس ‌أي شئ آخر!

ليس لأيتام الشاه وممجديه الذين يحميهم نظام الملالي أي عداء أو ثأر مع هذا النظام، بل إن للشعب دين بحق النظام البائد الذي أسقطه ولامجال لعودته مرة أخرى بعد أن ذاق الشعب جوره وظلمه ولايمکن للشعب أن يستبدل الظلم والاستبداد بنوع آخر له سبق وإن جربه، لکن للشعب ومجاهدي خلق دين وثأر في عنق هذا النظام وإن دماء 30 ألف من السجناء السياسيين والالاف من الذين تم إعدامهم وقتلهم وإبادتهم ظلما وعدوانا لمجرد أن طالبوا بحقهم قضية مصيرية لايمکن حسمها إلا بإسقاط النظام والاقتصاص من قادته.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى