عاجل
مقالات وآراء

چيهان أبوسيف تكتب: طب اللغة وهندسة الكلمة

منحني المولى سبحانه وتعالى نعمة التفوق في اللغات دون بذل مجهود يذكر في دراستها. وكانت ميولي للمواد العلمية أكثر؛ لقناعتي أن مادة التاريخ بها كثير من الأسئلة التي لم يجبني عليها أحد الأساتذة. ومادة الجغرافيا كثيرا ما كنت أتساءل: هل خلق الله لنا الأرض إلا لتكون وطنًا لكل مخلوقاته. وخلقنا إلا من أجل أن نتشارك الحياة بسلام وحب وعدل فلماذا كل هذه التقسيمات، والعنصريات في الدين واللون والميول؟ على الرغم من أن الله خلقنا مختلفين لحكمة كبيرة. وكنت أعشق المواد العلمية ما عدا مادة الرياضيات؛ لأننا كنا ندرس معادلات وأشياء لا نستخدمها في الحياة، ولم يجب أستاذي على سؤالي له :لماذا ندرس ما لا نستخدمه ونستفيد منه في الحياة، فكان يقول لي إجلسي يا سقراطة!،  فكنت لا أستذكرها وكان على زماني قسمين أدبي وعلمي يشمل الرياضيات. فدخلت في أول العام علمي وحولت على قرب نهاية النصف الأول من الدراسة إلى القسم الأدبي على مضص، وغضب من أبي وأمي ؛ لأن أمل حياتهم كان أن أصبح طبيبة، فكنت أقول لهم لا أحب أن أرى من يشعر بالألم، وكثيرا ما كنت أقول لنفسي: ما هذا التخبط الذي أنا به؟ ولكنني عندما وجدت مواد علم النفس والاجتماع والفلسفة والمنطق اللاتي أقرأ بهم منذ أن تعلمت القراءة والكتابة مبكرا جدا على يد أبي، مع متابعة من أمي وجدتي. فرحت كثيرا لهذه المواد،  وحصلت على مجموع يعتبر جيداً بالنسبة لزماني. وحصلت على الدرجة النهائية في اللغة العربية. وعند كتابة الرغبات لم أكن أعلم أن التوزيع يجب أن يكون إقليمياً أولا. واخترت جامعة القاهرة والأسكندرية وسيناء وكل المحافظات البعيدة؛ لحبي في التعرف أكثر على أناس آخرين بحكم أنني اجتماعية بطبعي. وكتبت دار العلوم في آخر الرغبات ولم تكن لدي أي فكرة عن الكلية ولم أعلم أن مكتب التنسيق من الممكن أن يأخذ برغبة متأخرة هكذا. وعندما جائني جواب الترشيح، وأردت التحويل لكلية تربية قسم إعلام، أو قسم تربية موسيقية، أو قسم فنون، قيل لي : دار العلوم أفضل كلية تؤهلك للعمل الإعلامي، وطلبة إعلام يأخذون دورات كثيرة متنوعة بدار العلوم. وهواياتك ومواهبك في الرسم والموسيقى من الممكن تعلمها دون الانتساب لكلية. وتغير مسار حياتي، ودخلت دار العلوم، التي يتفاخر طلابها بأنها ” طب اللغة وهندسة الكلمة” ، وكنت أقرض الشعر وألقيه في المهرجانات وأنا طفلة وتوقفت منذ الثانوي، وعدت إلي كتابته مُقفاً بعد دراستي لعلم العروض بدار العلوم التي هي فعلًا اسم على مسمى، فبها كثير من العلوم المختلفة والمتنوعة، والكثير يظن أننا ندرس اللغة العربية وبعض الدراسات الإسلامية فقط. رغم أن علي مبارك عندما أسسها كان بها موادالكيمياء والرياضيات وبعض علوم الفلك بالإضافة إلى الفلسفة منذ نشأتها بأقسامها، والتاريخ، وعلم اللغة والألسن، والشريعة، واللغة الإنجليزية والفرنسية والعبرية والفارسية بالإضافة إلى اللغة العربية بكل أقسامها. فوجدت أنها كلية عظيمة، يأتي إليها وفود من جميع أنحاء العالم. ونبغت بفضلها في كتابة الشعر والقصة القصيرة ثم الرواية. ووجدتني أهيم بدار العلوم عشقًا، وأعشق كل مادة بها وخصوصا اللغة العربية التي هي لغة أهل الجنة.

وليت شعري مديحا في مناقِبه فوق الذي زعمت في لحظها المُقَل..

بل كيف يُوصف بالأجزاء مكتِمل بين اللغات لسان حرفه عجب..

الضاد حرف رسول هلا ينطقها يكفي بذا شرفًا لم يأتِ به مثل.

هذه الأبيات للشاعر المبدع أحمد القاضي.. فشكراً لغة الضاد ..شكرا دار العلوم  طب اللغة وهندسة الكلمة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى