عاجل
مقالات وآراء

رؤي مظلوم تكتب: بائعات النصيب

كلنا سمعنا عن بائع ورق اليانصيب، ولكن هناك – أيضا- “بائعات النصيب”..  أطلقت عليهن بمجتمعاتنا تسميات عديدة؛ فكثيراً ما نسمع عن زوجةِ بائعةِ لنصيبها؛ مسببةً تشتتا لعائلتها برمتها، حينها يقال عنها إنها إما فاقدة لصبرها، أو إنها متمردة؛ رغم كونها تعيش في نعمة، أو يتم وصفها بالغباء المقرون بالتفكير العقيم، أو بالأنانية؛ حيث لا تفكر إلا في نفسها، بل وغالبا ما تُنعَت بأشياء كثيرة قد لا يتسع المقام لذكرها؛ ومن هذا المنطلق وكمحصلة بديهية، فمن الطبيعي جداً أن نجد مجتمعاتنا قد تربت على عقد من صبروا قبلنا؛ وقبلوا بنتيجة الخطأ الأول، تضحية من أجل الحفاظ على شكل وهيكل العائلة، ليصل كل واحد منهم في آخر العمر لمرحلة المعاناة من أخطاء الماضي، ليجد نفسه إن لم يفقد حياته بسب سكتة قلبية مفاجئة في سن مبكرة، إما مصاباً بجلطة أو بأمراض الضغط والسكر؛ فقليل جداً من يكون له النصيب المخالف، ألا وهو نصيب الرضا والسعادة؛ وذلك لتكافئ البنية الاجتماعية والثقافية، ونتيجة لوجود الحوار والتعاون بين الزوجين، حيث لا وجود لغطاء غربال الصبر على الإهانة وعدم الاحترام.

إن الحقيقة المخفية التي تتناقلها الألسن؛ وترسخها في الأذهان؛ هي القول بأن الطلاق في مجتمعاتنا مرتبط أساساً بالماديات؛ وذات صلة وثيقة بالمال، فهذا أمر مجانب للصواب والمنطق، ومنافي للحقيقة المرة؛ حيث أصيب الحوار بين الأزواج بوباء عدم الاحترام وفقدان الاحتواء، لتصبح العلاقة الزوجية هماً وبؤساً ونكداً وعبئاً ثقيلاً علي الطرفين.

ولتجاوز هذه المراحل التعيسة التي نعيش على وقعها في مجتمعاتنا العربية، لابد من مواجهة النفس؛ والتصالح الداخلي معها؛ معتبرين أن هناك علة نفسية داخل كل منا؛ وبالتالي لابد من مداواتها ومعالجتها بالطرق الممكنة؛ ويجب التعود على الاسترخاء بشكل منظم ويومي، والقيام ببعض الأعمال المحببة؛ لتنمية القدرة على التصالح مع النفس وترويضها؛ للتخلص من الموروثات المجتمعية والعائلية العقيمة المؤذية؛ ولابد من المكاشفة والتشاور والتحاور مع الأهل؛ وباعتبار الوالدين ركناً من أركان الفرض الشرعي، فلابد أن يتم فتح نقاش واضح صريح شفاف، يعطي الفرصة لتصالح النفوس بنقاء، وأن نستحضر إنه من واجبنا تقبل الحقيقة المجتمعية؛ فربما يكونا ضحية تلك العقد والأمراض النفسية بحكم التوارث والطاعة العمياء، حتى نتعلم الاحترام لغيرنا، لنستخلص منه احترام ذواتنا؛ لنُكنّ مشاعر المحبة والاحترام لمن هم خارج دائرتنا العائلية؛ من المحيطين بنا؛ من أصدقاء و زملاء رغم اختلاف الجنس والانتماء الفكري والعقائدي أو المراتب الاجتماعية، منفتحين بذلك على غيرنا؛ جاعلين من أبنائنا تلاميذ لنا؛ ندرس ونلقن لهم كل ما هو جميل في الدنيا، متذكرين ومذكرين دوما بكل ما هو جميل مَرّ بذاكرتنا سراباً أو حقيقة مادية؛ عشنا لحظاتها بكل و فرح وابتهاج.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى