عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور كمال الدلتوني يكتب: فلسفة النظرة الفقهية المعاصرة حول إشكالية النظر للتراث

إذا كنا نعتقد أن الفقه والتفقه هو عبارة عن، حفظ مجموعة من المتون والحواشي ،فمن الممكن استبدالنا بأى جهاز ! من أبجدياته سرد ملايين النصوص ولكن هل يعتبر هذا الجهاز حينئذ فقيه لأنه سرد النصوص! أو أفقه منا لحفظه نصوص أكثر ؟! بل برأيى الخاص أن علوم الألة حاليا لم تعد كافية لصناعة الفقيه والقاضي والمفتى ، بل فى حاجة إلى مزيد إضافة من علوم وإطلاعات أخرى كعلم ( الاجتماع، والنفس، والاقتصاد،وأهمية التفكير الناقد، والإحصائيات التى تصدرها بعض المنظمات داخليا وخارجيا ، وعلم السلوك البشرى بشكل عام وأنماط الشخصيات الانياجرام والقيم الإنسانية والمجتمعية على مختلف التونع البشرى والتوزيع القطرى الجغرافى، ) كمثال !

وهذا الجهد الكبير يحتاج إلى مؤسسات لا أفراد لصناعة هذا الفقيه المنتظر جراء تلك المراحل ، وأول من طبق هذا المنهج بشكل أكاديمي معاصر مولانا نور الدين والدنيا الشيخ العلامة ا.د على جمعة ، فى (أكاديمية الداعية المعاصر ومن قبلها إعداد المفتين بدار الإفتاء المصرية، واستجابة الأوقاف لذلك فأنشئت مؤخرا ،أكاديمية الأوقاف الدولية ،وسمعت عن وجود ذلك بإحدى منظمات الأزهر الشريف ونأمل فى مزيد انتشار خاصة فى الاقسام المعنية) ليدرك الفقيه ، واجب وقته وعصره، ويعيش بفهم الفقهاء لا بأزمانهم

يقول مولانا نور الدين: ونؤكد أن أهم مايعنينا استخلاصه فى هذا التراث هو «المناهج» وطرائق التفكير، كيف كانوا يُعملون عقولهم فى واقعهم ؟، ولا يهمنا بالضرورة «الموضوعات» أو الجزئيات التفصيلية التى كانوا يفكرون فيها. (انظر . كتاب مقدمات معرفية ومداخل منهجية لفضيلته)
وهو ما علمنا إياه فضيلته محاولة الدخول إلى ذهن الاصولى، ومعرفة كيف يفكر وما تفتق عنه ذهنه بعد هذا التفكير (الشافعى ونظريات أصول الفقه نموذجا)

ومن العجب أننا تجاهلنا كمسلمين تلك المسلمات فأخذها «روجر بيكون» وجعلها أصولا للبحث العلمي الحديث، وهى لا تتجاوز تعريفات الرازى والبيضاوى لعلم أصول الفقه.!

وهى البحث فى المصادر وطرق البحث وأدواته، وآليات الاحتجاج، والاستدلال وشروط الباحث.

وفي هذا يقول ابن القيم في إعلام الموقعين :

“ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم ، أحدهما : فهم الواقع والفقه فيه ، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علمًا، والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع ، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ، ثم يطبق أحدهما على الآخر ” .

ولا ننسى من ذلك أيضا : العمل بالمصلحة المُرسلة والعادة واعتبارهما ، ولا يخفي على أحد ارتباط الواقع بهما.

ومما يبرز ذلك في علم أصول الفقه ما يسمى:

تحقيق المناط ، وهو متعلق بتنزيل الحكم الشرعي على الواقع بعد فهم الواقع

نرجع ونقول فقه النص لازمن النص

وقد نهى العلماء عن الإفتاء بمجرد المسطور بالكتب، دون النظر للواقع وقد تقدم كلام ابن القيم ومثله للشاطبى وغيره، فاختلاف الأحوال والأزمان والأشخاص والأمكنة سيب رئيس فى تغير الفتوى ، دون إنكار على أن هذه الفتوى كانت مناسبة لعصر تلك المفتى بها آنذاك لأنه كان أدرى بواقعه منا!

وكلما كانت هذه القراءة الواقعية ذات نية حسنة وتحت شعار (اقرأ باسم ربك) نال فتحا وكرما من قوله (اقرأ وربك الاكرم) ومع صدق الطلب وحسن المقصد نزل بمقام (علم الإنسان ما لم يعلم)

بقلم: الدكتور كمال الدلتوني
ماجستير الفلسفة الإسلامية والتصوف.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى