عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور محمد العرب يكتب.. العرب بين الحدس الشرقي و المنطق الغربي..!

قبل ايام كان لي اتصال هاتفي مع المفكر السعودي عبدالله الغذامي ، وقد حرصت منذ سنوات على توطيد علاقتي به منذ ان التقينا ذات مساء عبر الاثير الازرق (تويتر) ، بعدها حدث لقاء مطول في اروقة الجنادرية عندما كنت احد الضيوف ، الرجل ممتلئ بما لذا وطاب من فاكهة الفكر والفلسفة و العلاقة مع الغذامي اصفها دوما بعلاقة ضبط البوصلة والتغذية الفكرية ،

الاتصال الهاتفي الذي امتد لقرابة النصف ساعة كان يؤثثه حزمة من الافكار العميقة المعمقة التي امطر بها عقلي المتعطش للحديث مع واحد من كبار سدنة الفلسفة والفكر من جيل الكبار ، الغذامي يعرض دوما افكاره متمترسة بادلة عقلية دامغه كما ان للغذامي قدرة مذهلة على الاستشراف المستقبلي للاحداث المختلفة واعادة رسم الماضي بعيدا عن الرويات الشفوية العاطفية التي يغلب عليها طابع القصص والخرافة والدوافع النرجسية وفِي سياق الحديث تكونت عندي افكار حول تكامل التنبؤ الحدسي والتنبؤ المنطقي..؟

لذا قررت ان اكتب ما تبقى من هذا المقال، التنبؤات او الاستشراف او التفكير المستقبلي اصبحت من الأسس الراسخة في مؤسسات السياسية والاقتصاد الدولية العتيدة وهي ذات المنطلقات التي تتأثر وتؤثر بكافة مناحي الحياة، ومن خلال تتبعي الدائم لاخبار المؤسسات الاستشرافية في جهات العالم الاربعة تولدت لدي قناعة راسخة مفادها، يمتاز الشرقيون والآسيويون خاصة على التنبؤ الحدسي بشكل يفوق الغربيين بمراحل نتيجة للمنظومة المعرفية والارث الفكري والقصصي والقدرة التخيلية المتوارثة، بينما يتفوق الغربيون على الشرقيين في التنبؤ المنطقي المرتبط بالحسابات والارقام مما يخلق قواعد محكمة نجحت عبر عقود طويلة في رسم ملامح المستقبل واستشراف ماهيته، واعتقد ان التحدي الاكبر امام البشرية هو كيف يتم تدعيم المنطق الغربي بالحدس الشرقي ….!

وبطبيعة الحال العرب تكونت ثقافتهم الجامعة نتيجة التأثر بالمنظومتين الشرقية والغربية نتيجة قرون الاحتلال والتجارة والسياسة والمد الثقافي التجريفي الماسخ لما يعارضه، ولان لكل منظومة منطلقات وتوافقات مختلفة لمعالجة المعلومات التي تنتج عن تضارب القيم والمعتقدات الثقافية فالعرب كانوا ومازالوا وسط صراع ثقافي محتدم في ظل تراجع النتاج الفكري العربي الخالص ، فالغربي يختار متغيراته ويرتبها مدفوعا بفردانيته المتعالية ونرجسيته المنتجة ، بينما يتماهى الشرقي مع ذاته وارثه المتوارث فتصنع له المماهاة تصوراته دون أن يدرك كيف وصل إلى نتيجته ، وبطبيعة الحال يعتبر التراث الديني هو المسؤول عن غالبية ذلك ، لهذا يستخد الشرقي خبراته المزروعة في اللاوعي مما تشكل نافذة لتنبؤاته ، بينما أغلب تنبؤات الغربي تصفو على سطح وعيه المكتسب من تجاربه المعاصرة..

ومثلما يتم تعريف الفلسفة عالميًا بأنها تلك الدراسة والحكمة و المعرفة حول التحديات العامة او الحقائق او المواقف المرتبطة بالوجود البشري ، يمكن اجزم ان للعرب فلسفتهم الخاصة التي يجب ان تدون قبل ان يصبح الحبر والورق والكتابة من الماضي مع تغول التكنلوجيا وتلويح صانعيها بدخولها في كل مناحي الحياة عندها لن يكون للمدرسة الشرقية او الغربية او الغذامية نفس التأثير…

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى