أشرف الجبالي يكتب: الزواج العرفي.. الجريمة والعقاب
مقالات ـ بولبة العرب الإخبارية
عندما نتحدث عن انحدار الفن والقيم الأخلاقية عند المصريين يتفق معنا الجميع في أثر هذا التدهور على المجتمع المصري فانحدار الذوق العام تم بفعل فاعل وأصبح قضية الجميع يتفق عليها ، أما الحديث عن الزواج العرفي الذي انتشر في مصر بطريقة مرعبة في السنوات الأخيرة فالحديث عنه يشبه الدخول في عش الدبابير ذلك أن هناك فريق من رجال الدين داخل وخارج المؤسسة الرسمية الأزهر يعتبرونه ليس مخالفا للشرع ويستغلون هذه الفتوى في عقد مئات الآلاف من الزيجات العرفية لبنات اقل من ١٨ سنه وأحيانا تصل الي ١٤ سنه وذلك بالمخالفة لآراء فريق آخر من رجال الدين وبالمخالفة للدستور المصري وأيضا بالمخالفة لاقوال علماء الطب والتربية وعلماء النفس
إن قضية الزواج العرفي انتشرت بحيث لا يمكن لأحد إنكارها وأصبحت تتم في القرى المصرية جهارا نهارا تحت سمع وبصر الجميع ولا يخفى على أحد مدى الخطورة التي قد يسببها هذا الزواج في حالة إنجاب طفل وموت الأب قبل عقد القران الرسمي.
على الجانب الآخر سنجد أن لهذه الظاهرة شكل آخر من الممارسة يختلف في الأسلوب والهدف حيث اعتادت بعض النسوة اللآتي يحصلن على معاش أو ضمان اجتماعي على الزواج العرفي حتى لا يخسرن معاشهن وفي تلك الحالة فالسيدة المتزوجة عرفيا ليست في حاجه الي رأي الفقهاء مع أو ضد لأنها تفعل ذلك لأسباب اقتصادية بحتة وليست شرعية ،أما المستوى الثالث من الكارثة فهو منتشر بين طلاب الجامعات وفي أحشاء الفئات والمناطق الاجتماعية الراقية وغالبا ما يكون السبب في ذلك اجتماعيا بالأساس بمعنى عدم جاهزية الفتاة والشاب لتكاليف الزواج أو خوف المرأة الغنية على صورتها وسمعتها أمام مجتمعها الخاص وعائلتها أو خوف الرجل على استثماراته ومشاريعه فيضطر هؤلاء للدخول من الباب الخلفي وهو الزواج العرفي.
إن تلك الظاهرة لم يستطع القانون ولا الدستور منعها وبالتالي فعلى المجتمع والدولة ومؤسساتها أن ينتبهوا جيدا للآثار المدمرة اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا والتي قد تساعد على مزيد من تشويه المجتمع حيث وصل الأمر من الانحدار ان أصبحت احيانا ورقة الزواج العرفي غطاءا لستر عمليات الدعارة بل والأخطر من ذلك أن هناك بعض الأفراد ذوي الحيثية كالمحامين والمشايخ والتجار وكبار العائلات الذين لا يتورعون أو يخجلون من دعم هذا النوع من الزواج رغم علمهم التام بأنه ليس الطريق الأنسب لبناء مؤسسة زواج حقيقية إضافة إلى أنه يمثل أكبر إهانة للمرأة التي قد ترتبط بشخص وتبيع له جسدها مقابل أموال ورغم أن السبب الاقتصادي يلعب دورا كبيرا في تفشي هذه الظاهرة في المدن إلا أن الأسباب في الريف تختلف تماما فنادرا ما يكون العوز الاقتصادي هو الذي يدفع العائلات لتزويج بناتهم مبكرا انها العادات والتقاليد الريفية المدعومة من بعض المشايخ.
إن ناقوس الخطر يدق على أبواب المجتمع المصري بشدة وأخشى أن تتزايد معدلات الزواج العرفي حتى يصبح هو السمة الغالبة على المجتمع المصري وبالتالي مجتمعا مفككا قابل للانهيار في اي لحظة فالمسؤلية الاجتماعية في الزواج العرفي غائبة على الطرفين مما يعني أن الأسرة وهي نواة المجتمع سوف تتحلل ويفقد المجتمع صلابته وتماسكه ، إننا أمام كارثة يجب أن تتضافر الجهود لحصارها قبل فوات الأوان