عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور محمد العرب: «المسكوت عنه» موسى والفظائع المخفية..!

في بلاد ما بين القهرين ، هناك حيث يختبئ الألم والحزن في زوايا مظلمة يراها الكثيرون لكنهم لا يحركون ساكنا، في زوايا تلك البلاد ترتكب ابشع انواع الفضائع ، تعذيب الأطفال في العراق ليس مجرد كلمات ، بل هو واقع مرير يكتم الأنفاس، هناك تعرضت تلك الأرواح الصغيرة للأذى الجسدي والنفسي ، تعنيف الأطفال جريمة مؤلمة تهز أركان الإنسانية ، أطفال يتعرضون للعنف والتعذيب في بيئة من المفترضة ان تكون آمنة ، ضحايا صغار يعيشون في عالم من الرعب والشعور بالعجز والإحباط ، وما يزيد الأمر تعقيداً وقسوة هو أن هذه الظاهرة الصادمة تحدث في سياقات متعددة، سواء داخل الأسرة أو في المدارس أو في المجتمع حيث تتسع ظاهرة الاطفال المعنفون والاطفال العاملون في سوق العمل الذي لا يرحم…!

احدث تلك الجرائم ، قتل الطفل موسى العراقي على يد زوجة والده المجرمة ، تابع المجتمع وتفاعل وغضب لكنه لم يستطيع انقاذ الضحية ولا وضع قوانين رادعة لحماية الضحايا مستقبلا ومعاقبة القساة والمجرمين ، بلاد ما بين القهرين بلاد تترعرع فيها الطائفية والقسوة وكل ما يشاع عن غير ذلك ، كلام مرسل بلا ادلة ولا براهين ، يتربى العراقي على مفهوم ان القسوة والاجهاز الوحشي على الاعداء يعكس الشجاعة والاقدام ، يولد العراقي وينشأ على ترانيم والدته الحزينة ( دللول يالولد يبني دلول ، عدوك ذليل وساكن الجول) واساطير السعلوة والغول والوحوش ، نشأة قاسية لطفل صغير يصطدم جسده الغض بسيل من عبارات الحزن والغضب والتحشيد العاطفي لينشأ متحفزا للعدو الوهمي المفترض ، ومع مرور السنين يصبح هذا الطفل يوما ما اب او أم ، انسان بالغ بذكريات عنيفة لا يمكن توقع كيف سيتعامل مع المحيط..؟

اقرأ ايضا:

الدكتور محمد العرب يكتب.. الأقنعة ومزارع الكراهية

كل المقامات الموسيقية التي اضافها العراقيون لتاريخ الموسيقى كانت مقامات جنائزية حزينة تشع منها احاسيس الظلم والقسوة ونشوة القتل ، كل القصص والحكايات عن قتلة وغزاة ومجرمين ، العراق مسقط رأس القسوة والحزن ، الحادثة الصادمة وكمية الوحشية في جريمة اغتيال موسى وطرق التعذيب المبتكرة تفتح باب الاسئلة على مصراعيها ، من اين جائت زوجة الأب بكل هذه القسوة ومن اين جائت بكل هذه السادية ومن اين جاء الاب الشريك بالجريمة بكل هذا الاهمال والتواطئ والعجز ؟

موسى الذي اشترك الجميع بقتله ، زوجة الاب القاسية والاب المجرم والأم الضعيفة والاقارب الادعياء والمدرسة المهملة والمجتمع الذي يشجع على القسوة والجريمة ، لا تتهمني عزيزي القارئ بالقسوة على المجتمع العراقي ، ارجوك تصفح اليوتيوب ستجده يغص بمقاطع الاغاني الحربية العراقية التي تشيد بثقافة تقطيع الرؤوس والاجساد للاعداء المفترضين والتنكيل حتى بالمنافسين ، أنا هنا كأب أعلن عجزي التام عن فهم او ادراك تلك القسوة و الوحشية، الفضائع التي يمارسها العراقيون فيما بينهم وضد بعضهم من خلال خصوماتهم وصراعاتهم و نزاعاتهم السياسية والمذهبية والقومية وحتى خلافاتهم التجارية والاسرية ، والتي بلغت حد ارتكاب سلسلة طويلة من مجازر جماعية رهيبة بحق بعضهم ومقابر جماعية من حزب البعث العلماني الى حزب الدعوة الاسلامي ، من حلبجة وكربلاء حتى الصقلاوية وجرف الصخر ، جرائم مصحوبة بضراوة البطش و التنكيل ، وبروحية سادية هائجة الى حد الاذهال والقرف…!

حسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة 80% من أطفال العراق يتعرضون للعنف ، وعالميا يتعرّض ثلاثة أرباع أطفال العالم ممن تتراوح أعمارهم 2-4 سنة وهم قرابة 300 مليون طفل للاعتداء النفسي أو العقاب الجسدي على أيدي من يقومون برعايتهم في المنزل ، ويتعرّض 6 من كل 10 أطفال ممن تبلغ أعمارهم سنة واحدة، في 30 بلداً تتوفّر بيانات عنها، إلى التأديب العنيف بشكل منتظم ويتعرّض ما يقرب من ربع الأطفال الذين يبلغون من العمر سنةً واحدةً للهز الجسدي كنوع من العقاب، ويتلقَّى ما يقرب من طفلٍ واحد بين كلّ عشرة أطفال الضرب أو الصفع على الوجه أو الرأس أو الأذنين، ويعيش طفل واحد من بين كل 4 أطفال دون سنّ الخامسة من العمر أي 176 مليون طفل مع أُمّ هي ضحية لعنف الشريك او بدون زوج ، وكل 7 دقائق يقتل طفل ويعيش نصف عدد الأطفال ممّن هم في سن الدراسة (تعدادهم 732 مليون طفل) في بلدان لا يُحظر فيها العقاب البدني في المدرسة بشكلٍ كامل ، هذه الارقام هي جزء من خريطة العنف في العراق والعالم ، خريطة مسكوت عنها لا يرد ذكرها في وسائل الاعلام الا عندما تحدث جريمة مدوية مثل جريمة قتل موسى ، وداعا يا صغيري هذا العالم لا يليق بك….!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى