«خيال العلم الأدبى باللغة العامية الفصحى».. يقلم الأستاذ الدكتور خالد عياد
خيال العلم أو علم الخيال أو أدب الخيال العلمى فهى مجالات أدبية متنوعة ولكن الخيال هو العنصر المشترك فى كل هذه الحالات والأساس العلمى الصحيح هى القاعدة التى يُبنى عليها تلك المفاهيم الثلاثة ولكن فى أطر أدبية إبداعية.
خيال العلم الأدبى باللغة العامية الفصحى
والإبداع هنا شقين إحدهما إبداع طبقاً لقوالب ومقايس أدبية متفق عليها والأخر هو إبداع حر لايتبع أى من القوالب الأدبية وبالتالى فليس له مقايس ثابتة يتم الحكم بموجبها.
فعند مناقشة مجموعتى القصصية القصيرة “مسكنات الضمير”فى إتحاد كتاب مصر شعبة الخيال العلمى برئاسة الدكتور صلاح معاطى وبالأشتراك مع قامات أدبية كبيرة مثل الدكتور سيد نجم والدكتور سلامة تعلب و الدكتور حمادة هزاع و الأستاذ صالح شرف الدين .
أسعدنى كثيراً الدراسات الدقيقة التى قام بها كل هولاء القامات السابق ذكرها وكانت جميعاً تتلخص فى أن المجموعة القصصية لا تتبع خصائص القصة القصيرة فى توحيد المكان والزمان والأحداث وبالتالى فهى فى نظرهم ليست قصص قصيرة ، وقال بعضهم أن اللغة المكتوب بها المجموعة تفتقد للأبداعات اللغوية والأخطاء النحوية وقد نصحنى البعض بأن أتمرس على الكتابة طبقاً لنهج القوالب القصصية المتعارف عليها ، وعلق البعض بأن الأحداث والحوارات مقتضبة للغاية وأخرون قالوا نحن كأننا نقرأ مقال علمى ويصعب فهمة لغير المتخصص.
ولكنهم جميعاً أشادوا بكم المعلومات العلمية الهائلة فى المجموعة القصصية والتى أصر أن أسميها “قصص قصيرة” ، وذلك لأننى كما أستهليت هذا المقال ببعض التعريفات غير المتعارف عليها ولكنها من محض تصورى الخالص ، فهذه أول محاولات فى الكتابة فى مجال الخيال العلمى وقد ذكرت هذا فى مقدمة المجموعة والتى لاقت نقداً لازعاً أيضاً حيث ذكرت فيها بأنى غير راضاً عن كثيراً من كتاب الخيال العلمى الذى يبنون قصصهم على معلومات علمية خاطئة وبالتالى فخيالتهم الأدبية تقترب من الفانتازيا وحاولت أن أوضح أن هذه المجموعة بقصصها الثامنية وهى بالترتيب : مسكنات الضمير والفيروفورى ملتهم الفيروسات والسرطان والحرب البريونية وناخرات البناء وطاقة الصوت وحديقة الأقزام المضيئة وأخيراً الأرض الطيبة.. كلها فى إعتقادى ليست قصص منفصلة بل يربطها سياق واحد أعتمد فيهاعلى الحقيقة العلمية الصحيحة و بخيالى المؤسس على العلم الذى أدرسه وأقوم بتدريسه وقد وضحت أن العلم له شقين أحدمها فى صالح البشرية والشق الأخر هناك من يستغله لدمار البشرية ،
وذكرت بأن الدول التى لاتنتج علماً هى دول محكوم عليها بالأعدام .. الخروج عن المألوف فى معظم كتاباتى ليس تعمداً ولكنه أعتماداً على مايمليه علي مشاعري وتصوري وتخيلي للأحداث أثناء دورانها داخل عقلى، فيأتمر قلمى بتلك المشاعر والتصورات والتخيلات ويكتبها كما أرها .
فبدايتى فى عالم الأدب بدأت منذ طفولتى فى عالم المسرح وخصوصاً المسرح الإرتجالى فقد تعلمت فيما بعد أثناء دراستى الأكادمية للمسرح على يد كبار أساتذة المسرح الكبار أمثال الأستاذ كرم مطاوع والأستاذ سعد أردش رحمهم الله جميعاً ، بأن ماخرج من القلب يصل للقلب وأن الأبداع ماهو الأ أحاسيس صادقة يعبر عنها صاحبها بأى وسيلة فنية من الوسائل الأبداعية المختلفة وتدخل هذه المشاعر الصادقة إلى قلوب وعقول المشاهدين ،فكانت هذه المقولة هى القوة التى جعلتنى أثق بكل ما أقدمه من أعمال أدبية كانت أو علمية وذلك لأننى أقدم بمشاعروأحاسيس صادقة نابعة من داخلى وبما أن دواخلنا جميعاً مختلفة كبصمات اليد فأننى أثق تماماً بأن ما أملكه مختلف تماماً عن مايملكه الأخرون من فنون إبداعية.
ولأننى قد قرأت كثيراً فى كل العلوم الطبيعية والفنية والعلمية والدينية وبعمق ،لهذا فأن ما أقدمه وأن أختلف عليه الكثيرون وأنتقده فأنه مختلف، وأن هناك بالتأكيد من سيشاركنى مشاعرى وتفكيرى وتخيالاتى الصادقة هذه وتؤثر فيهم .
واللغة هنا هى وسيلة تواصل مع الأخر فلماذا لا أكتب بلغة تشبهنى فأنا أتكلم اللغة المصرية العامية ولا أتقن التحدث باللغة العربية الفصحى ولكونى رجل قارىء ومثقف فلابد أن أجمع بين اللغة المصرية العامية واللغة العربية فتكون اللغة النهائية تعبر عن كل وجدانى وعقلى فتكون لغة عامية مصرية ولكنها فصحى وهذا هو الجديد من وجهة نظرى بالطبع وأن أختلف عليها البعض… وسيلتى فى الكتابة والتعبير لابد أن تكون بأدوات تعبيرية أتقنها وليس بلغة لم أتعود على التحدث بها ، لهذا أطلقت على لغة أسلوبى الأدبى باللغة العامية الفصحى.
وإن كانت المجموعة القصصية من وجهة نظر البعد بعيدة عن أدب الخيال العلمى ، فلنسميها خيال العلم الأدبى فيكون الأدب هو الأخير والعلم وهو أساس ما أقدمه هو الأساس ويوضع فى المقام الأول والخيال عندى له أساس ومنهاج علمى وضح قابل للتطبيق وبعيد كل البعد عن الفانتازيا .
فتحياتى لجميع النقاد لما بذلوه من جهد فى القراءة والبحث لمسكنات الضمير وقد أستمتعت كثيراً بحواراتهم الأدبية الراقية والنقد بموضوعية علمية غاية فى الأحترام والحرفية المهنية.