عاجل
أهم الأخبارمقالات وآراء

الدكتور محمد العرب يكتب.. «رفقاً بهم.. ليسوا مرضى»

في السياق الطبي، يُعرف الجنون بأنه اضطراب عقلي يتسم بفقدان الاتصال بالواقع مما يؤدي إلى تغيرات في السلوك والتفكير، وفي السياق الفلسفي، يمكن تفسير الجنون على أنه حالة تتميز بفقدان التوازن العقلي الذي يؤثر على قدرة الشخص على التفكير السليم والتصرف بشكل منطقي ومنظم في العالم الذي يعيش فيه..!

بالسياق الاجتماعي، يُعرف الجنون بأنه حالة تتسم بتصرفات أو اعتقادات تختلف عن المعايير الاجتماعية المقبولة، مما قد يؤدي إلى انعزال الفرد عن المجتمع، وفي بعض السياقات النفسية يُعتبر الجنون أو الاضطراب العقلي ليس مجرد مرض بل يصنف كطريقة مختلفة لتفسير العالم أو تجربته، كما تنظر فلسفات أخرى إلى الجنون على أنه شكل من أشكال الإبداع أو التفكير المختلف عن المألوف..!

تاريخيا كان علاج الجنون بالطقوس الدينية والأعشاب والمواد الطبيعية شائعًا في مختلف الثقافات، فقد استُخدمت النباتات والمواد الطبيعية والمؤثرات السمعية والحسية لتهدئة الأعصاب وتحسين الصحة العقلية،على سبيل المثال استُخدمت زهرة اللافندر لتهدئة الأعصاب وزيت النعناع لتحفيز التركيز، كما اعتمدت بعض الثقافات على اليوغا والتأمل كطرق لتحقيق الهدوء النفسي وتحسين الصحة العقلية، وقد تكون هذه الطرق الطبيعية مفيدة كمكمل للعلاج الطبي التقليدي في بعض الحالات.

ولدت في القرن الماضي أساليب مبتكرة لم تُحسم بعد علميتها، كالعلاج بالفنون والتي تتضمن استخدام الفنون التشكيلية أو الموسيقى أو الرقص كوسيلة للتعبير عن المشاعر وتحسين الصحة النفسية، والعلاج بالألوان حيث تستخدم لتحسين المزاج وتهدئة الأعصاب من خلال تعرض الشخص لألوان معينة، وكذلك العلاج بالروائح باستخدام الزيوت العطرية لتحفيز الحواس وتحسين المزاج والعلاج باليوغا والتأمل لتهدئة العقل وتقوية الذهن والجسم، لكن الثابت أنه لا توجد أي علاجات حتمية النتائج، ولا يوجد علاج سحري يقضي بشكل نهائي على الأمراض النفسية والعقلية.

وعادة ما تحتاج الحالات الصحية إلى علاجات متعددة ومتكاملة تشمل العلاج الطبي التقليدي، والعلاجات النفسية، والعلاجات التكميلية البديلة، والدعم الاجتماعي، ويمكن أن تساعد هذه العلاجات في تحسين الأعراض وتحسين جودة الحياة، ورغم أن الأمراض النفسية تصنف عادة كاضطرابات صحية تؤثر على الصحة النفسية والعقلية للفرد وتشمل مجموعة واسعة من الحالات مثل اضطرابات المزاج، القلق، الفوبيا، اضطرابات الطعام، اضطرابات النوم، والاضطرابات السلوكية والعنفية، إلا إنه لا يوجد حتى الآن اتفاق بشري على تشخيصها أو علاجها أو حتى وضعها في تصنيف يحترم إنسانية من يعاني منها.

ببساطة يمكننا القول إن الأمراض النفسية ناتجة عن تفاعلات كيميائية وهرمونية في الدماغ، أو نتيجة لعوامل بيئية مربكة أو نفسية مركبة، والأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية يحتاجون إلى العلاج والدعم اللازمين للتعافي وإدارة الأعراض ركز معي جيدا على إدارة الأعراض، ومن الضروري فهم أن هؤلاء الأشخاص يواجهون تحديات حقيقية ويحتاجون إلى الدعم والتعاطف.

*في الختام: يتجلى فن الإنسانية في قبول التحديات وتقديم الدعم اللازم للروح المنكسرة، إن تقديم الاحترام والتفهم للأفراد الذين يعانون من صراعات داخلية يعكس قوة الروح وعمق الإنسانية، وبواسطة تواجدنا العاطفي والاستماع الصادق نصبح قناة للشفاء والتعافي، وتذكروا أن التعاطف والدعم النفسي هما جناحان يحملان الإنسان إلى شاطئ الشفاء والتوازن الداخلي.
@malarab1

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى